كشفت مصادر عشائرية، لـ«الأخبار»، عن عقْد القائد العام لـ«قوات سوريا الديموقراطية»، مظلوم عبدي، اجتماعاً مع وجهاء العشائر في مناطق شرق الفرات، صباح الأربعاء الماضي، في مقرٍّ لـ«قسد» داخل المدينة العمّالية التابعة لحقل العمر النفطي في ريف دير الزور. وبحسب المعلومات، فإن الاجتماع لم يحمل جديداً بالنسبة إلى وجهاء العشائر، باستثناء التعهّد بتقديم المتورّطين بالقتل والانتماء إلى تنظيم «داعش»، مِمَّن تَعتقلهم «قسد»، إلى المحاكمة، وإطلاق سراح من تَثبت براءته منهم، بعد احتجازهم لسنوات من دون توجيه اتّهامات إليهم. كذلك، طمأن عبدي إلى عدم وجود نوايا انفصاليّة لدى «قسد»، موضحاً أن الحوار مع الحكومة السورية سيكون على أساس ما سمّاه «حقّ مكوّنات سكّان شرق سوريا في إدارة ذاتية» معترَف بها من دمشق، ستُدير مقدّرات المنطقة، وفقاً لمصالح سكّانها أولاً. لكن هذه التطمينات قد لا تجد صدىً كبيراً لدى السكّان، في ظلّ استمرار سيطرة «قسد» على حقول النفط والغاز، واستحواذها القسري على المواسم الزراعية الأساسية، بإجبارها السكّان على بيع محاصيلهم من الحبوب والقطن لـ«هيئة الزراعة» التابعة لها، ومنْعهم من نقلها إلى مناطق سيطرة الدولة السورية، فضلاً عن تمييزها المدن والقرى ذات الصبغة الكردية، والتي تُعدّ «مدلّلة بالخدمات وأسعار المحروقات»، مقارنةً بغيرها من المناطق ذات الصبغة العربية.
يجري الحديث عن احتمالات جديدة للمنطقة إذا ذهبت «قسد» نحو الحوار مع الحكومة السورية

من جهتهم، طالب وجهاء العشائر، وفق مصادر «الأخبار»، بوقْف الاعتماد على «التقارير الكيدية» في حوادث المداهمة والاعتقال المستمرّة. كما طالبوا بوقْف الإنزالات الجوّية التي تنفّذها القوات الأميركية، على الأساس ذاته، إذ تُقدَّم إليها، من قِبَل مجموعة من العملاء السرّيين لـ«الاستخبارات العسكرية» التابعة لـ«قسد»، معلومات عن تمركُز خلايا مفترضة لتنظيم «داعش» في المنطقة، لتتمّ على أساسها عمليات المداهمة أو الإنزال الأميركية، والتي غالباً ما تنتهي بنسْف المنزل المستهدَف، في ما لا يُفهم منه إلّا محاولة طمس أدلّة استخدام العنف المفرط ضدّ السكّان، وارتكاب خروقات لقوانين الحرب، علماً أن البيوت المسوّاة أرضاً، تكون في معظم الأحيان مسكونةً من قِبَل عوائل نازحة من سوريا، أو لاجئة من العراق. كذلك، لم تَغِب عن الاجتماع المطالَبة بتأمين الطّحين والوقود الكافيَين لعمل الأفران، أسوةً ببقيّة المناطق التي تسيطر عليها «قسد»، فضلاً عن تأمين الوقود والكهرباء لمحطّات ضخّ مياه الشرب والريّ. كما جرى التطرّق إلى مسائل خدَمية أخرى، لم يتوقّع الحاضرون أن تجد حلولاً لها لدى عبدي، الذي أصرّ على أن يُحضر ممثّلين عن عشيريتَي العكيدات والبكارة، بوصفهما أكبر تكتّلَين عشائريَين في المنطقة.
وتزامن اجتماع الأربعاء مع تجدُّد التظاهرات في مدينة البصيرة في الريف الشرقي للمحافظة، مركز ثقل موجة الاحتجاج الحالية، حيث جرى قطْع الطرقات بالإطارات المطّاطية المشتعلة. ولم تختلف مطالب المحتجّين عمّا نقله وجهاء العشائر إلى عبدي، الذي لا يملك القدرة، على ما يبدو، على ضبط ممارسات القيادات المُعيّنة في المنطقة، ممّن يُسمّون بـ«كوادر قنديل»، في إشارة إلى جبل قنديل في شمال العراق، والذي يُعدّ معقلاً أساسياً لـ«حزب العمّال الكردستاني»، فضلاً عن ضبْط القيادات المحلّية، مِن مِثل قائد «مجلس دير الزور العسكري»، أحمد الخبيل، المُلقّب بـ«أبي خولة»، والذي يعدّ بالنسبة إلى السكّان واحداً من قادة مافيات التهريب والقتل والتغييب القسري. وتَعتبر المصادر العشائرية أن تحرّك عبدي بنفسه لعقْد هذا الاجتماع، يعكس مخاوف «قسد» من تمدُّد الحراك الشعبي، وخروجه عن السيطرة، خصوصاً في ظلّ تزايُد أعداد مَن عبروا نهر الفرات، بحثاً عن تسوية أوضاعهم الأمنية مع الحكومة السورية.