عمان | بعد ساعات من إعلان الصحافة العبرية إطلاق جندي أردني النار تجاه دورية إسرائيلية، على الحدود مع الأراضي المحتلّة وسوريا، أصدرت القيادة العامّة للقوات المسلّحة الأردنية بياناً أشارت فيه إلى «عدم صحّة الخبر». وأوضح البيان أن الحادثة التي وقعت صباح الثلاثاء الماضي، جاءت على إثر «اشتباه بعملية تهريب في منطقة المثلّث الحدودي الأردني - السوري - الإسرائيلي (وادي قليد)». وبحسب الرواية الرسمية، فقد تَصادف ذلك مع مرور دورية إسرائيلية في الطرف المقابل، تابعت حركتها داخل الحدود، وباتّجاه العمق الإسرائيلي، من دون حدوث أيّ احتكاك. ويأتي هذا التطوّر في أعقاب حديث الصحافة العربية عن زيارة غير معلَنة للرئيس الجديد لـ«الشاباك»، رونين بار، في الثلث الأخير من تشرين الثاني الماضي للأردن، حيث التقى رؤساء الدوائر الأمنية، وبحث معهم، بحسب قناة «كان» العبرية، «سُبُل التصدّي لتهريب الوسائل القتالية ومكافحة الإرهاب»، في وقت تشهد فيه محاولات تهريب الأسلحة إلى إسرائيل ارتفاعاً، بناءً على ما ذكرته القناة، نقلاً عن صحيفة «يسرائيل هيوم». وجاءت زيارة بار، آنذاك، إثر إعلان الجيش الإسرائيلي، في بيان، «إحباط محاولة تهريب 11 قطعة سلاح على الحدود الأردنية في منطقة وادي الأردن»، و«اعتقال اثنَين مشتبه فيهما، وتحويلهما إلى التحقيق لدى الشرطة». حادثةُ إطلاق النار الجديدة المفترضة، والتي انتشرت أنباؤها بسرعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، استنفرت الذاكرة الأردنية، مُعيدةً إلى الواجهة واقعتَين ارتبط بهما جنديان أردنيان: الأولى، للجندي أحمد الدقامسة، الذي فتح النار على إسرائيليّات في منطقة الباقورة، عام 1997، وأردى سبعاً منهنّ، وسُجن على إثر ذلك لمدّة 20 عاماً، قبل أن يَخرج من الاعتقال في عام 2017؛ أمّا الثانية، فهي للجندي معارك أبو تايه، من قبيلة الحويطات، الذي فتح النار، في تشرين الثاني 2016، على جنود أميركيين عند «قاعدة الأمير فيصل» العسكرية الجوّية في منطقة الجفر، وقَتل ثلاثة منهم، وتمّت إدانته بالأشغال الشاقة مدى الحياة (يُذكر أن القاضي الذي أصدر الحكم آنذاك، محمد العفيف، هو نفسه محامي الدفاع عن باسم عوض الله، في ما يُعرف بقضية الفتنة في الأردن). وأدين أبو تايه على الرغم من أن الرواية الرسمية الأوّلية للحادثة، تحدّثت عن تطبيق قواعد الاشتباك من قِبَل الجندي المذكور بعدما سمع إطلاق النار، في لحظة دخول رتل سيارات الجنود الأميركيين إلى القاعدة، وهو ما أكده المُدان نفسه لحظة نُطق الحكم، بقوله: «أنا قمْت بواجبي».
يُذكر أن وزارة الدفاع الأميركية كانت حصّنت، في وقت سابق، منطقة وادي قليد التي وقع فيها إطلاق النار على الدورية الإسرائيلية، عبر «وكالة الدفاع والحدّ من التهديد» (DTRA) التابعة لـ«البنتاغون»، وذلك في إطار مشروع أمن الحدود الأردنية، البالغة قيمته نحو 300 مليون دولار، والذي وقّعت عمّان عقْداً بشأنه مع شركة «Raytheon» المتخصّصة في مجالات الدفاع. وأنهت الشركة، قبل مدّة، تنفيذ المشروع الذي يغطّي 115 ميلاً من الحدود مع العراق، و160 ميلاً من الحدود مع سوريا. وفي وقت لاحق، وبموجب تعاقدُ إضافي، استَكملت المرحلة الأخيرة من تحصين الحدود الشمالية القريبة من فلسطين المحتلّة، بطول 12 ميلاً، وفق ما أوردته على موقعها الإلكتروني، حيث تَظهر منطقة وادي قليد مشمولة بعملياتها.