طرابلس | يترقّب الليبيون الموعد الجديد لإجراء الانتخابات الرئاسية، بعدما بات من شبه المؤكّد عدم إجرائها في موعدها المحدّد في 24 كانون الأوّل الحالي، في ظلّ تخلّف مفوّضية الانتخابات عن إعلان الكشوف النهائية للمرشّحين، وفق ما كان مقرّراً أوّل من أمس. وبعدما كانت الأطراف الدولية متشدّدة في رفض إرجاء الاستحقاق، فقد عادت إلى تليين مواقفها أخيراً، شرط عدم إطالة أمد هذا التأجيل، وهو ما دفَع في اتّجاه اتّخاذ هذه الخطوة، بموافقة ضمنية من المستشارة الخاصّة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، التي وصلت إلى طرابلس، أمس، في مسعى لصياغة المسار الجديد للعملية الانتخابية.وتسعى وليامز، مهندِسة الاتفاق السياسي بين الأطراف المتناحرة في ليبيا، إلى أن يكون الموعد الجديد قبل نهاية شهر شباط أو آذار المقبلَين، كحدّ أقصى. كما تسعى إلى توفير أجواء "أكثر أمناً وتنظيماً" ممّا هي الحال عليه الآن، وذلك بهدف الحيلولة دون بروز تشكيك في شرعيّة الانتخابات ونتائجها، وفتْح معركة طعون في هذا الإطار. كذلك، ستعمل وليامز على الدفْع قُدُماً بعملية توحيد المؤسّسة العسكرية، عبر لجنة "5+5" التي بدأت بإجراء مناقشات مع أعضائها، غالبّيتها سرّية، في وقت يسود فيه ترقّبٌ لنتائج اللقاءات التي ستجريها وليامز في طرابلس، والتي ستعقبها لقاءات أخرى، سواء عبر الهاتف، أو بالذهاب مباشرة إلى بنغازي.
عُقد اجتماع أمس بين رئيس أركان الجيش في حكومة الوحدة والمكلّف بقيادة الجيش في بنغازي


ومن بين السيناريوات التي ستطرحها وليامز، إعادة التوجّه إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في توقيت متزامن، وعدم الفصل بينهما لفترة شهر، بحسب القوانين التي كان مجلس النواب قد أقرّها، وخصوصاً أن مفوّضية الانتخابات جاهزة لإنجاز الاستحقاقين معاً. ومن بين ما ترغب مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة، في الوقت الحالي، في تحقيقه، هو إرساء حدّ أدنى من التوافق بين الفرقاء الليبيين، حتّى يتمكّن الفائز بالانتخابات الرئاسية من ممارسة صلاحياته، من دون طعون قد تؤدّي إلى جولة جديدة من الصراع، علماً بأن توحيد المؤسّسة العسكرية سيكون له، من وجهة نظرها، الدور الأكبر في تحقيق الاستقرار. ولذا، فقد سارعت وليامز إلى دعم الاجتماع بين رئيس أركان الجيش في حكومة الوحدة، محمد الحداد، والمكلّف بقيادة الجيش في بنغازي، حيث جبهة خليفة حفتر، عبد الرازق الناظوري. وقد عُقد هذا الاجتماع في سرت، أمس، برعاية أممية، حيث جرت مناقشة العديد من الخطوات بشأن توحيد المؤسّسة العسكرية، وذلك بعد أيام من نجاح خطوات توحيد القطاع المصرفي في البلاد.
وبالعودة إلى قرار تأجيل الانتخابات، فهو لن يصدر عن وليامز مباشرة، بل سيجري التوصّل إليه بالتشاور مع الأطراف الأوروبية والولايات المتحدة، بشكل رئيسي، قبل إعلانه، سواء من جانب المفوّضية، أو ببيان مشترك. وسيكون هذا القرار مستنداً إلى واقع صعوبة إجراء الانتخابات في موعدها، في ظلّ مراجعة المواقف القانونية للمرشّحين، والأحكام التي صدرت بشأن إعادة إدراج بعضهم في القوائم النهائية، مِن مِثل سيف الإسلام القذافي، أو بشأن رفض طعون قُدِّمت بحقّ آخرين قبلت المفوّضية أوراقهم، كرئيس الوزراء الحالي، عبد الحميد الدبيبة. والجدير ذكره، هنا، أن المفوضية سارعت إلى تعليق أعمالها انتظاراً لنتائج لقاءات السياسيين والعسكريين، في ما قد يمثّل تمهيداً لصدور قرار التأجيل.