مقالات مرتبطة
حذّر لافروف الأكراد من استمرار المراوغة السياسية والاعتماد على واشنطن
ويأتي هذا اللقاء، الذي يُعتبر الثاني من نوعه خلال العام الجاري، متأخّراً بعض الشيء؛ إذ كان مقرَّراً عقده قبل نحو ثلاثة أسابيع، قبل أن يتعرقل نتيجة زيارة أجراها وفد أميركي برئاسة نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، إيثان غولديريتش، إلى الشمال الشرقي من سوريا، حيث عقد لقاءات مع المسؤولين الأكراد وقيادات في «المجلس الوطني الكردي» المدعوم من تركيا و«الائتلاف المعارض»، عارِضاً خطّة لإعادة تفعيل التقارب الكردي - الكردي، مقابل تسهيلات ومساعدات اقتصادية، وردّ المخاطر التركية. والظاهر أن الخطّة الأميركية اصطدمت بمجموعة من المعوّقات، أبرزها الموقف المتشدّد الذي يقوده «حزب الاتحاد الديموقراطي» الذي يمثّل امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» المُصنَّف على لوائح الإرهاب التركية، وعدم اليقين باستمرار الوجود العسكري الأميركي في سوريا، في ظلّ توسُّع الدور التركي، الأمر الذي سيترك «قسد» أمام مواجهات مع جميع الأطراف. ولم يكد ينهي الوفد الذي يزور موسكو لقاءه مع المسؤولين الروس، حتى عقد قائد «قوات سوريا الديموقراطية»، مظلوم عبدي، اجتماعاً مع مسؤولين أكراد في شمال شرقي سوريا لبحث آخر التطورات، لتَخرج تصريحات كردية عقب هذا اللقاء تنتقد موقف دمشق، وهو ما يمكن إدراجه في سياق حالة الانقسام الكردية بين طرفين، أحدهما يميل إلى موسكو والآخر إلى واشنطن.
وتسبق التطوّراتُ الأخيرة زيارةً من المنتظر أن يقوم بها وفد روسي تقني إلى تركيا لبحث مجموعة من التفاصيل الأمنية والميدانية والعسكرية، وعلى رأسها فتح طريق حلب – اللاذقية، والتطوّرات على خطوط التماس بين مواقع «قسد» ومواقع سيطرة الفصائل المعارضة التابعة لتركيا. وكانت موسكو قد طرحت، في وقت سابق، خطّة لنشر قوات عسكرية سورية في مناطق خلافية بالنسبة إلى أنقرة، لتجنيب «قسد» مخاطر الهجوم العسكري التركي، الأمر الذي رفضته الأخيرة، متمسّكةً بمبدأ «الحوار الشامل مع دمشق» أوّلاً، بحجة أن خطوة من نوع الانسحاب من شأنها تخسيرها مناطق حيوية من دون أيّ مقابل سياسي، وهو ما عادت موسكو واحتوته، مؤكدة دعمها للحوار. لكن ذلك من شأنه تسليط مزيد من الضغوط على «قسد»، وسحب ورقة المراوغة الأميركية من يدها، ووضعها على محكّ الحوار السياسي الجادّ الكفيل بإنهاء المخاطر التركية، وضمان وحدة الأراضي السورية، وما يتبعه من انتعاش اقتصادي أصبح يشكّل أولوية قصوى في الوقت الحالي، نتيجة تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.