سامر من جهته هو الأسير الأطول إضراباً عن الطعام في التاريخ، هادئٌ بطبعه، قليل الكلام، واستطاع أن يخرج من محبسه منتصراً على جلاديه، متفوقاً عليهم ولم يستطيعوا كسره أبداً. 220 يوماً وهو يقاوم كل شيء، أصر الاحتلال على أن يبقيه حياً، وهو أصر أكثر على الحياة في الحرية، لا يريدونه إلا أسيراً؟ إذا هو لا يريد هذه الحياة. هكذا كانت المعادلة. من ينتصر؟ سامر هو المنتصر.
يومها كانت شيرين خارج السجن، كانت صوت سامر، كانت روحه الناطقة، الضجة المرافقة للحدث الجلل، غناء سامر من السجن، يومها لم يكن أحدٌ ليهتم بقضية الرجل المحارب عتم الزنزانة. شيرين جعلت القضية كما هي، جعلت سامر واحداً من أشهر الأيقونات الفلسطينية، كثيرون لم يكونوا ليعرفوا سامراً لولا شيرين. فهي تركت كل شيء وتفرغت لقضية شقيقها الأسير المضرب عن الطعام. ونجحت، كان خروج سامر انتصاراً لكليهما. الدليل على ذلك أن الإسرائيلي أصر على مهاجمة منزلهما أكثر من 10 مرات قبل اعتقالها آخر الأمر.
الإسرائيلي يظل محاولاً كسر شوكة أبناء العيساوية: سامر وشيرين، شيرين وسامر. نردد الأسماء كي لا ينساها أحد، كي لا تدخل الذاكرة وترمى. اليوم يجلس سامر على شاشات الكمبيوتر، يذكّر بقضية شقيقته «المحامية» وهي التي أصرت على أن تستعمل لقبها هذا مقاومة للصهيوني. كل ما تقوم به شيرين هو مقاومة. رفضها للمحاكمة مقاومة، اصرارها على أنها محامية مقاومة، كل ذلك قبل الوصول لإضرابها عن الطعام: مقاومة.
بدت صورته وهو ذاهب إلى المستشفى أشبه بصورةٍ للمسيح
سامر، اللطيف للغاية، الذي بدت صورته وهو ذاهب للمستشفى والمحاكمة آخر مرة أشبه بصورةٍ للمسيح، الشاب الذي كان ينتظر الموت في أية لحظة فجأة خرج من السجن، الكل كان يتوقع استشهاده في أي لحظة من اللحظات، إلا هو لربما وشيرين، كانا يتوقعان الانتصار، فالانتصار صبر ساعة، وهما انتظرا ساعاتٍ طوال. وانتصرا.
شيرين تقبع اليوم في زنزانتها وحيدةً، إلا من صبرها، وانتصارها. هي تعرف أنها ستنتصر، هي موقنة بالأمر. سامر يجلس في المنزل، بانتظارها. ستعود شقيقته المحامية. هكذا دأبها، وستغلب وحوش الظلام والبزات العسكرية وزوار الليل. هذا دأب الفلسطيني ينتظر وينتظر وينتظر، ثم ينتصر.