«لا لغةَ تعلو فوق لغة الدم». هكذا بدا المشهد السوري أمس، وسط تطورات يذهب خطها البياني نحو المزيد من التصعيد على معظم الجبهات. وبتناسب طردي مع اقتراب الثالث من حزيران، موعد الانتخابات الرئاسية. ولا يبدو أن ثمة تمايزاً بين المناطق السورية، سواء تلك التي ستشهد اقتراعاً، أم التي لن تشهد.
وبدا أن ترجيح عدم إجراء اقتراع في المناطق الكردية لم يكن فألاً حسناً على سكان تلك المناطق، إذ تصاعدت حدة المعارك بين «وحدات حماية الشعب» الكردية (YPG)، و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» في قرى تل خنزير، الراوية، الثماد، تليلية، الذيبة، العزيزية، ومحيط قرية تل حلف في الريف الغربي لمدينة رأس العين في ريف الحسكة، التي أكدت مصادر «داعش» عزمه على بسط السيطرة عليها. ووفقاً للمصادر ذاتها، فقد «بلغ عدد قتلى الـ YPG 106، إضافة إلى 74 جريحا»، فيما أفادت مصادر مواكبة للتطورات الميدانية بوصول تعزيزات عسكرية للوحدات الكردية إلى رأس العين، من الدرباسية وعامودا. وقالت مصادر «جهادية» إن «سيارة مفخخة انفجرت في معسكر المنتسبين الجدد للدولة الإسلامية في العراق والشام، في قرية الدشيشة في ريف الحسكة، ما أدى إلى سقوط قتلى وعشرات الجرحى».

تضاربت الأنباء
في شأن حجم النزوح عن مدينة إدلب
إلى ذلك، أكدت مصادر إعلامية كردية أنّ «داعش» أفرج مساء أمس عن عشرات الطلاب من أبناء مدينة عين العرب (كوباني) في ريف حلب، من الذين كان قد احتجزهم التنظيم مساء الخميس، في مدينة منبج أثناء عودتهم من حلب. ووفقاً للمصادر فقد «نُقل الطلاب بواسطة الهلال الأحمر السوري في منبج إلى مدينة حلب، بعدما احتجزهم التنظيم لساعات عدة، وهم في طريق عودتهم إلى مدينتهم كوباني، إثر الانتهاء من تقديم امتحان الشهادة الإعدادية». وكان التنظيم قد شن حملة اختطاف واسعة طاولت الأكراد السوريين في مناطق عدة من ريف حلب، ليصل عدد المخطوفين إلى حوالى 400، من دون أن يعني الإفراج عن بعضهم توقف تلك الحملات.
وفي مدينة حلب، سقط عشرون شهيداً مدنياً على الأقل، وأصيب العشرات، من جراء استهداف عدد من الأحياء الخاضعة لسلطة الدولة السورية بقذائف صاروخية، طاولت كلّاً من الميدان، والعبّارة، والمنشية، والمشارقة، وشارع بارون. بدورها، قالت مصادر إعلامية معارضة إن «ثمانية أشخاص على الأقل قد استشهدوا، وأصيب العشرات إثر غارات متجددة لسلاح الجو على حي ‏بستان القصر».


مقتل قائد في «ألوية صقور الشام»

في هذه الأثناء، تضاربت الأنباء في شأن حجم النزوح عن مدينة إدلب «خشية عملية عسكرية وشيكة تعد لها الكتائب المسلحة ضد المدينة»، إثر إعلان «الهيئة الإسلامية لإدارة المناطق المحررة» «إغلاق الطرق المؤدية إلى مدينة إدلب»، وتوعدِ عدد من المجموعات المسلحة بـ«شن عملية عسكرية كبرى لمنع شبيحة إدلب من إجراء الانتخابات»، وفيما قدّر معارضون محليون أن عدد النازحين فاق الـ 20 ألفاً، أكدت مصادر من السكان لـ«الأخبار» أن «الرقم مبالغ فيه، وأن حركة النزوح قد توقفت على نحو شبه تام». إلى ذلك، قال ناشطون معارضون إن «قصفاً جوياً طاول بلدة تلمنس، ومدينة معرة النعمان، وبلدة معرشمشة». وأعلن ناشطون «جهاديون» مقتل القائد العسكري لـ «ألوية صقور الشام» محمد حسن معراتي مع عدد من عناصره نتيجة قصف جوي استهدف موقعاً لهم في منطقة حاجز السلام قرب خان شيخون.
إلى ذلك، اشتعلت مجدداً جبهة ريف حمص الشمالي، إثر إعلان «غرفة نصرة المستضعفين» إطلاق معركة جديدة في ريف حمص الشمالي باسم «الآن نغزوهم». وقالت «الغرفة» في بيان إن المعركة «من أجل السيطرة على قرية أم شرشوح النصيرية الاستراتيجية (غرب مدينة الرستن)». وقالت مصادر إعلامية معارضة إن «هجوماً استهدف القرية من 3 محاور، بمشاركة جبهة النصرة، وحركة أحرار الشام وكتائب 313 التابعة للجيش الحر»، فيما قالت وكالة سانا إن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة استهدفت تجمعات وأوكارا للإرهابيين في قرية أم شرشوح باتجاه تلبيسة بريف حمص، ما أدى إلى مقتل العديد من الارهابيين وإصابة آخرين». ونقلت عن مصدر عسكري أن «وحدات أخرى من الجيش استهدفت مجموعات إرهابية في قرية الغجر في الرستن وجبورين وعين حسين وحوم وأم الريش والبرغوثية بريف حمص الشرقي، كما دمرت سيارة مفخخة بين قريتي دير فول والمشرفة على اتجاه تلبيسة، وقضت على من فيها من إرهابيين». ريف حماه الشرقي اشتعل بدوره، إثر شن تنظيم «داعش» هجوماً استهدف قريتي سرحة، وزنوبا، في ناحية عقيربات.

سيطرة على «المرصد 724»

وفي اللاذقية، حقّق الجيش السوري تقدماً مهماً في الريف الشمالي، عبر سيطرته على «المرصد 724»، وقطع طريق إمداد المسلحين بين ربيعة وقمة النسر. كذلك استهدف الجيش مواقع المسلحين في محيط قرية ‏النبعين، قرب ‏كسب الحدودية، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة تدور في المنطقة. وقد نقلت سيارات الاسعاف عشرات القتلى والجرحى إلى داخل تركيا عبر معبر كسب.
ومن المرجح أن تتواصل عمليات الجيش السوري في المنطقة بوتيرة متسارعة، في إجراء استباقي، يرمي إلى منع المسلحين من استهداف مدينة اللاذقية بقذائف الهاون في الأيام المقبلة، أثناء الانتخابات الرئاسية.




إعدامات وقصاص

شهدت مناطق سيطرة «الجهاديين» تنفيذ عدد من عمليات «القصاص». تنظيم «داعش» نفّذ عملية إعدام في بلدة معدان في ريف الرقة طاولت ثلاثة أفراد، ينتمي اثنان منهم إلى «حركة أحرار الشام الإسلامية»، وثالثهما إلى «لواء التوحيد». وقالت مصادر من السكان إنّ التنظيم المتطرف «أغلق المحال التجارية، وحشد المواطنين لحضور القصاص من ثلاثة مسلحين بتهمة أنهم كفار وصحوات». كذلك أعلن إعلاميون موالون للتنظيم أنّه «أقام الحد على جاسوسة تابعة للنظام النصيري في ولاية حمص» من دون ذكر تفاصيل إضافية.
بدوره، نقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض عن «مصادر» قولها إنّ «الدولة الإسلامية في العراق والشام جلدت امرأة وسط مدينة الرقة، بتهمة أنها زنت لأنها كشفت عن وجهها، وأنّ ذلك فتنة». إلى ذلك، بث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شريطاً مصوراً يُظهر تنفيذ «الهيئة الشرعية لجبهة النصرة» «حكم الإعدام» بحق طفل في دير الزور، بعد «إدانته بارتكاب جريمة قتل».