غزة | تُدرك عائلات الجنود الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، أنها تسير في الطريق الخطأ، إذ إن الضغط الذي تمارسه، والذي بدأ يشتدّ في الأشهر الأخيرة، يستهدف مطالب لن تستجيب لها حكومة الاحتلال في حال من الأحوال، ما يجعلها أمام سيناريوَين: الأوّل، يتمثّل في ما فعلته عائلة رون أراد التي استسلمت للحكومة؛ والآخر المجدي الذي اتّبعته عائلة الجندي جلعاد شاليط. بهذه الكلمات، قيّم مصدر قيادي في المقاومة، في حديثٍ إلى «الأخبار»، تحرّكات عائلات الجنود الإسرائيليين خلال السنوات الماضية. وكان تسور غولدن، شقيق الأسير لدى «كتائب القسام» - الجناح العسكري لحركة «حماس» -، اتّهم، أمس، قيادة الاحتلال بالكذب والخداع. وقال: «لن أنسى كذب (مئير) بن شبات و(بنيامين) نتنياهو، قبل عامين، أمام عائلتي، بعدما قطعا وعداً بأن العمّال من غزة لن يدخلوا إسرائيل، ولكن حصل العكس، ولن أنسى صورة رجال يرتدون الزيّ العسكري، بقيادة رئيس شعبة العمليات، في لقاءٍ مع مسؤولين مصريين، هذا الأسبوع، من دون حلّ لجنودهم الأسرى في غزة». كذلك، هاجم غولدن وزير الجيش، بيني غانتس، متّهماً إيّاه بتجاهل قضية هدار، وأضاف: «لن أنسى صوت والدتي، هذا الأسبوع، تروي لنا بعدما عادت من لقاء مع غانتس، الذي كان رئيساً للأركان خلال حرب 2014 وترك هدار في غزة، والذي أخبرها، خلال اللقاء، أن لديه مسائل أمنية أكثر أهمية من إعادة أخي من غزة».إزاء ذلك، اعتبر المصدر أن تحرّكات عائلات الجنود باتت غير منطقية، كونها لن تؤثّر على الحكومة التي تتهرّب من دفع الثمن المناسب لتنفيذ الصفقة، وتُماطِل بشكل دائم، من دون أن يكون لديها قرار واضح في هذا الشأن. «للأسف، عائلات هؤلاء الجنود تعتقد أن الضغوط على المقاومة يمكن أن تؤدّي إلى إحداث تغيير في الموقف الفلسطيني، أو الإفراج عن الجنود، لكن يبدو أنها لم تدرس كيف صبرت المقاومة أكثر من خمس سنوات، حتى جنت الثمن المناسب في صفقة الجندي شاليط، ولديها الصبر أكثر من ذلك بكثير لحين تحقيق الصفقة»، أكد المصدر، مستخلصاً أنه لم يَعُد أمام العائلات إلّا خياران لا ثالث لهما: إمّا أن تسير في طريق الضغط المناسب، كما فعلت عائلة الجندي جلعاد شاليط، على مدار سنوات، وتكلّلت جهودها بعودة ابنها سالماً، أو السير في طريق عائلة الجندي، رون أراد، التي خضعت للمسؤولين ولم تتحرّك للضغط عليهم، ما أدّى إلى فقدانه إلى اليوم، بعدما تناست الحكومة قضيّته.
هاجم غولدن غانتس متّهماً إيّاه بتجاهل قضية شقيقه الجندي الأسير لدى المقاومة


وفي رسالته إلى عائلة غولدن، قال المصدر: «لو كانت حكومة نفتالي بينت/ يائير لابيد، تهتمّ بكم، أو بالجنود الأسرى، لذهبت لتنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة، وفق خارطة الطريق التي قدّمتها المقاومة لها، عبر الوسيط المصري خلال الأشهر الماضية، إلّا أنها تُماطِل وتتلاعب بكم لأن ضغطكم عليها ليس ذا تأثير حالياً». وأضاف مخاطباً العائلة: «عليكِ أن تُدركي أن الوضع الأمني في قطاع غزة بالنسبة إلى حكومة بينت، أهمّ من عائلات الجنود الأسرى، وبالتالي يدرك بينت أن الضغط على غزة بهذه الورقة لن يؤدّي إلى إعادة الجنود، بل إلى حربٍ جديدة. لذا، عليكِ التفكير بالضغط عليه لتنفيذ صفقة تبادل أسرى جديدة، كما فعلت عائلة الجندي جلعاد شاليط». وتابع: «لا الحرب، ولا الجهد الأمني والاستخباري، ولا الضغط على قطاع غزة اقتصادياً، يمكن أن تغيّر موقف المقاومة، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يسرّع في عودة الجنود الأسرى، هو السير في طريق صفقة التبادل، ومعرفة مصير الجنود قبلها».
وكانت لئيا غولدن قد هاجمت، الأسبوع الماضي، حكومة بينت، متسائلة: «هل قرّرت التخلّي عن الجنود؟». وأضافت: «دعِ الأمهات اللواتي يأتين إلى مكتبك يعرفنَ ذلك، كلّ ما نعرفه نسمعه فقط من الناس والأخبار، لقد سئمنا من هذا الوضع، نشعر أنّنا نعيش في خدعة، أعرف رئيس الوزراء منذ سنوات، وأعلم رؤيته السياسية ضدّ الإفراج عن إرهابيين ملطّخة أيديهم بالدماء، لكن هذا لا يهمّني، لا تطلقوا سراح إرهابيين، لكن أعيدوا ابني». وردّاً على سؤال عن الخيارات المطروحة التي تواجهها إسرائيل، سواءً بشأن صفقة تشمل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، أو عملية واسعة ضدّ قطاع غزة، قالت غولدن: «لن تقبل أيّ أمّ أن يذهب ابنها إلى الحرب وألّا يعود»، متابعة أن الحلّ بيد بينت وحده، وهو مَن يجب أن يُصدر التعليمات، ويعيد المفقودين.