غزة | مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر الدولي لدعم «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين»، تتكشّف «مشكلة وجودية» تواجه «أونروا»، في ضوء التراجع المتزايد في الدعم الذي تتلقّاه، والذي تفاقمت حدّته في أعقاب توقيع «اتفاقات أبراهام» الخليجية - الإسرائيلية، حتى وصل إلى 20 مليون دولار هذا العام، نزولاً من 200 مليون دولار كان يؤمّنها التمويل العربي سنوياً. وكشف المستشار الإعلامي لـ«أونروا»، عدنان أبو حسنة، أن مخاطر الأزمة المالية بدأت تنعكس على قدرة الوكالة على دفع رواتب شهرين للموظفين خلال العام الجاري، ما من شأنه أن يهدِّد الخدمات التي تقدّمها «أونروا» لملايين اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلّة والشتات.إزاء هذا الواقع، تتحضّر الوكالة الدولية لانطلاق مؤتمر المانحين برعاية الأردن والسويد، والمرتقب عقده في الـ16 من الشهر الجاري في بروكسل، لحشد الدعم المالي، إذ تتطلّع خصوصاً إلى تأمين تمويل مستدام قابل للتنبؤ، يحقِّق الاستقرار المالي لموازنتها، ويديم عمل برامجها وخدماتها الحيوية التي تقدِّمها للاجئين الفلسطينيين في المجالات الصحية والتعليمية والإغاثية، فيما ترغب بتلقّي تمويل يساعدها على سدّ الفجوة المالية لعام 2021. وفي إطار الصعوبات التي تواجهها، كشف المفوّض العام لـ«الأونروا»، فيليب لازاريني، أوّل من أمس، أن الوكالة تمرّ بـ«أزمة وجودية»، ليس نتيجة الفجوة المالية المقدّرة بـ100 مليون دولار في موازنة العام المالي الجاري فحسب، بل لأن نموذج التمويل الخاص بها أثبت أنه سيؤدي إلى انهيارها في المستقبل، مشيراً إلى أن «أونروا» ستضطرّ لاتخاذ إجراءات تقشّف تساعدها على الاستمرار في أداء مهامّها، فيما دعا إلى تحويل موازنة الوكالة الأساسية، والبالغة قيمتها نحو 800 مليون دولار، إلى ما سمّاه «أساس أكثر قابلية للتنبؤ». وأشار مفوّض الوكالة إلى أن مؤتمر بروكسل سيعرض على المانحين الدوليين التخلي عن نموذج تمويل الوكالة (المساهمات السنوية)، لافتاً إلى أن دولاً كبرى قلّصت من موازنتها للوكالة، مِن مِثل بريطانيا التي قلّصت مساهماتها بأكثر من ضعفين، بعدما كانت ثالث أكبر مانح.
أثبت نموذج التمويل الخاص بالوكالة أنه سيؤدي إلى انهيارها في المستقبل


وفي قطاع غزة، شكّلت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية خلية أزمة لمتابعة مؤتمر المانحين في العاصمة البلجيكية، وتنفيذ عدد من الفعّاليات للضغط على الأطراف الدوليين لضمان استمرار قيام الوكالة الدولية بواجبها تجاه اللاجئين الفلسطينيين. وفي السياق نفسه، قال رئيس دائرة شؤون اللاجئين في «منظمة التحرير الفلسطينية»، أحمد أبو هولي، إن التحضيرات متواصلة لإنجاح المؤتمر، مؤكداً أن «أونروا» انتهت من إعداد استراتيجيتها التي ستعرضها على الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين، لإقناع العالم بمدى حاجة هؤلاء إلى هذا الدعم. ويسعى عدد من الدول العربية والفلسطينيين إلى استقراء الموقف الأميركي تجاه الوكالة، في ضوء إدارة الرئيس جون بايدن، إذ يجري ترتيب لقاء مع القنصل الأميركي في القدس المحتلّة، الأسبوع المقبل، لبحث رؤية الولايات المتحدة خلال مؤتمر المانحين. ويعوّل كل من لبنان والأردن على أن يفضي المؤتمر الدولي إلى تحسين الوضع المالي لـ«أونروا»، منعاً لوقوع أزمات جديدة تتعلّق بالخدمات المقدَّمة للاجئين في المخيمات الفلسطينية، إذ شدّد نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، على أهمية دور الوكالة في دعم اللاجئين لتعزيز الاستقرار في المنطقة.