يعود «الدفء» إلى العلاقات بين تل أبيب وعمّان مدفوعاً بسياسات الحكومة الإسرائيلية الجديدة
وتأتي هذه التطوّرات في سياق حالة انتعاش تعيشها العلاقات الأردنية - الإسرائيلية منذ تموز الماضي، تاريخ اللقاء الذي جمع وزير الخارجية أيمن الصفدي، بنظيره الإسرائيلي يائير لابيد (بغياب الجانب الفلسطيني)، حيث اتّفق الجانبان على متابعة تفاصيل اتفاق رفع سقف الصادرات إلى السوق الفلسطيني، وفق «بروتوكول باريس». وأعقبت ذلك زيارةٌ أجراها الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، بشكل سرّي إلى الأردن نهاية آب الماضي، والتقى خلالها الملك عبدالله الثاني، متناولاً معه «قضايا العمق الاستراتيجي سواءً على المستوى الثنائي أو الإقليمي» بحسب بيان مكتب هرتسوغ، الذي أشار إلى أن الزيارة تمّت بالتنسيق مع لابيد ومع رئيس الوزراء نفتالي بينيت. وفي الشهر الفائت، وقّع الأردن وإسرائيل اتفاقاً يتيح لعمّان شراء 50 مليون متر مكعّب من المياه في السنة، من خارج إطار «اتفاقية السلام» الجانبين. وقالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار، التي وقّعت الاتفاقية مع وزير المياه والريّ الأردني محمد النجار، آنذاك: «نريد علاقات حسن جوار. أتمنّى بصدق أن يكون هذا بادرة للتعاون بين إسرائيل والمملكة الأردنية». واتّهمت الحرار، رئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، بنشر أخبار كاذبة في مسعًى إلى «نسف علاقات إسرائيل مع الأردن»، رافضة، في حوار مع «إذاعة الجيش» الإسرائيلي، الانتقادات التي وجّهها نتنياهو وحزبه «الليكود» إلى اتفاقية المياه، مشيرة إلى أن عمّان تدفع الثمن نفسه الذي يدفعه مستهلكو الماء في إسرائيل. وشدّدت على أنه «ليست هناك أيّ هدايا مجّانية، بل هناك علاقات ينبغي تطويرها، وهي من الأصول الاستراتيجية لإسرائيل».
هكذا، يعود «الدفء» إلى العلاقات بين تل أبيب وعمّان، مدفوعاً بسياسات الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي يبدو الأردن أكثر اطمئناناً إليها. ولذا، فهو يحاول مبادلتها «حُسن النيّة»، عبر سلسلة خطوات كانت آخرَها مشاركةُ سلاح الجو الملكي الأردني في مناورة «العلم الأزرق» الإسرائيلية، والتي تحمل رسالة بالرغبة في تعزيز التنسيق الأمني والعسكري بموجب «اتفاقية وادي عربة» التي دخلت عامها الثامن والعشرين في نهاية تشرين الأول الماضي. اللافت، هنا، أن التساؤلات التي وجّهها النائب صالح العرموطي (عضو كتلة الإصلاح النيابية/ الإخوان المسلمين) إلى الحكومة حول هذه المشاركة، لم تلقَ تجاوباً شعبياً، ولم تدفع في اتّجاه أيّ تحرّك على الأرض، على رغم أن العرموطي أثار شكوكاً في ما إذا كانت هناك نيّة لإنشاء تحالف عسكري تحت إمرة الولايات المتحدة، بمشاركة الاحتلال ودول عربية أخرى من بينها الأردن. كما تساءل ما إن كانت تلك المناورات قد أُجريت على إنشاءات ومطارات شمال خليج العقبة، والتي كان الأردن قد تقدّم بشكوى ضدّها، باعتبارها خرقاً للسيادة الأردنية ومخالفة لقانون الطيران الدولي. وأخيراً، طرح النائب علامات استفهام حول المصلحة في المشاركة في «النيل الأزرق»، في وقت لا يزال فيه العدو يشكّل خطراً أمنياً ووجودياً على الدولة الأردنية، وينتهك سيادتها ويحارب وصايتها على المقدّسات، فضلاً عن إعلانه «يهودية الدولة»، وارتكابه الجرائم بحقّ الفلسطينيين.