القاهرة | احتفالات بفوز عبد الفتاح السيسي عمّت القاهرة مساء أمس، مع بدء ظهور النتائج الأولية لثلاثة أيام من الانتخابات الرئاسية، كان الثابت الوحيد فيها تدني مستوى الاقتراع الذي حاول الحكم رفعه بالوسائل كلها، لعل أبسطها كان تمديد مدة التصويت ليوم إضافي. تسريبات المشرفين القضائيين على العملية بدأت منذ مساء أمس تروجون لنسبة اقتراع من 44.4 في المئة، تلامس تلك التي حققتها العملية الانتخابية نفسها التي أتت بمحمد مرسي إلى الحكم.
الفارق أن انتخابات هذا العام يبدو أنها حنّت إلى أيام المبايعة المشؤومة، واكتساح بأصوات تلامس الـ100%. والكلام هنا ليس للمعارضة، بل لحملة السيسي نفسه التي تحدثت عن نسبة تأييد بلغت 93 في المئة وعن نسبة أصوات باطلة بلغت 3.9 في المئة.
وقالت مصادر قضائية إن السيسي حصل على 91.8 في المئة من الأصوات في سبعة آلاف لجنة انتخاب تم فرز الأصوات فيها. وأضافت أن صباحي حصل على 3.4 في المئة من الأصوات، وأن 4.8 في المئة من الأصوات باطلة. وقدرت نسبة الإقبال بأكثر من 44 في المئة.
وكان بيان لحملة السيسي قد قال في وقت سابق إنه حصل على 93.4 في المئة من الأصوات في 2000 لجنة انتخاب تم فرز الأصوات فيها مقابل 2.9 في المئة لصباحي، واعتبر 3.7 في المئة من الأصوات باطلة.
وكانت حملة صباحي قد سحبت ممثليها في لجان الانتخاب اليوم، قائلة إن عدداً منهم تعرضوا لتعديات وأحيل بعضهم على التحقيق.
ولم تشهد أي من اللجان الانتخابية البالغ عددها أكثر من 14 ألف لجنة تفوق صباحي إلا في مسقط رأسه بمدينة بلطيم، حيث حصل على 906 أصوات، بينما حصل السيسي على 675 صوتاً، فيما كانت الأصوات الباطلة 34 صوتاً.
وكان التصويت قد مدد يوماً إضافياً يوم أمس. رغم ذلك بذلت حملة صباحي وحملة السيسي الجهود وتقدمتا بالطعون أمام اللجنة العليا للانتخابات للاعتراض على ذلك.
ومن المعهود أن يكون التمديد ليوم إضافي نتيجة للتكدس الشديد على لجان الاقتراع وعدم وجود فرصة للمواطن الحريص على الإدلاء بصوته ليقوم بواجبه تجاه الوطن. لكن أن يكون التمديد في ظل ضعف للإقبال أو عدم نزول المواطنين بسبب ارتفاع درجة الحرارة أو بعد المسافة بين محل العمل ولجنة الانتخاب، فهذا هو الجديد.

أعلنت مصادر
قضائية حصول السيسي على 91.8% في 7000 لجنة انتخاب
اعتراض الحملتين على تمديد فترة التصويت يمكن تفسيره بأن حملة صباحي تدرك أن تمديد التصويت ليس في مصلحتها. أما حملة السيسي، فقامت بهذا الأمر لتبرئ ذمتها من تمديد اللجنة العليا للانتخابات. فهذه الأخيرة من مصلحتها تمديد فترة الانتخاب، ليس للتفوق على صباحي الذي من غير المحتمل ألا تتفوق عليه، ولكن للتفوق على الرئيس المعزول مرسي الذي حصل في انتخابات 2012 على أكثر من 13 مليون صوت. وليس فقط مرسي الذي تريد حملة السيسي أن تتفوق عليه، ولكنها تريد التفوق على انتخابات 2012 عموماً، بنسب تصويتها والأصوات الموجهة للمرشح الفائز فيها. باختصار، ما يبحث عنه المشير هو أن تكون نسبة المشاركة أكبر من 46,42% وأن يحصل على أكثر من 13 مليون و230 ألفاً و131 صوتاً. وهذا التوجه اتضح منذ انتخابات المصريين بالخارج، التي سمح فيها للمواطنين باستخدام بطاقة الرقم القومي من دون الحاجة إلى التسجيل مسبقاً، ومن دون الحاجة إلى وثيقة الإقامة في البلد الأجنبية، بل وأحياناً من دون الحاجة إلى أن يكون المواطن قد دخل بطريقة شرعية إلى البلد الذي ينتخب فيه! كل هذا سمح بأن تتفوق مشاركة المصريين بالخارج في انتخابات 2014 عن مشاركتهم في 2012 بنحو 20%.
المشكلة المعضلة كانت في التغطية الإخبارية التي بثتها القنوات الرسمية المصرية على مدار أيام الانتخابات والتي تدل على ضعف الإقبال على الانتخاب، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المحطات المعارضة للنظام الحالي في مصر. الأولى، فعلت ذلك لحث الناخبين على النزول، فيما تعمدت الثانية التركيز على هذه القضية لنزع المشروعية عن الحكم الجديد. لا شك في أن الأخيرة قد نجحت، بينما أتت جهود الأولى بعكس ما اشتهت، اذ شكلت مستنداً من النظام نفسه يؤكد ضعف المشاركة.
لكن ضعف الإقبال كان من تداعياته التلقائية ارتفاع نسبة تأييد السيسي بين المصوتين، إلى حد تحدثت فيه بعض الأرقام عن 94 في المئة. في النهاية، من قاطع الانتخابات كان عملياً خصوم السيسي، من «إخوان» وسلفيين لم يلتزموا توجيهات حزب النور وشباب الثورة. فعلوا ذلك، لسبب من ثلاثة: إما أنهم لا يؤيدون صباحي أيضاً، أو أنهم فاقدو الأمل من فوزه، وإما أنهم يئسوا من إمكانية حصول أي تعديل في القدر المحتم بوصول السيسي إلى سدة الرئاسة.
ومعروف أن جماعة «الإخوان» خاضت معركتها تحت عنوان أن «25 يونيو» لم يكن سوى «انقلاب عسكري» لا يحظى بأي دعم شعبي، وكان دليلهم على ذلك صندوقة الاقتراع التي عملوا جاهدين على إبعاد الناس عنها لتأكيد شعاراتهم حرمان السيسي المشروعية الشعبية. وكان واضحاً أن المشير أدرك ذلك منذ البداية، وهو لذلك وضع نصب عينيه مستوى المشاركة أيام انتخاب مرسي وبنى استراتيجيته الانتخابية على أساسها.
من هنا، يبدو طبيعياً بيان التحالف الداعم لمرسي الذي رأى أمس أن «مقاطعة الشعب» للانتخابات الرئاسية «تؤكد سقوط خريطة الانقلاب بإجماع شعبي منقطع النظير»، مطالباً المصريين بأن يكونوا على استعداد لما هو قادم. وأضاف أن «الشعب أعلن النتيجة وهزم الانقلاب في معركة اللجان الخاوية رغم العبث وإرهاب الانقلاب، وعلى السيسي ومن معه أن يعترفوا بأن مصر ضدهم ومرسي هو رئيسهم». وتابع: «لقد اصطف الشعب وقواه الثورية الوطنية في معركة اللجان الخاوية التي لم يتجاوز الحضور فيها نسبة 10% على مدار أيام الحداد الثلاثة (يقصد أيام التصويت)، ونجح أول اصطفاف حقيقي ومبهر في هزيمة الباطل وإجراءاته، وأكد أن الشعب صاحب قراره بوعيه وصموده ونضال شبابه، ليظل الانقلاب انقلاباً والباطل باطلاً مهما صنع ومهما دلس وزور»، وفق البيان.
بدورها، قالت جماعة الإخوان المسلمين، تزامناً مع إغلاق باب الاقتراع: «لقد أدار الشعب ظهره لرئاسة الدم ولم تفلح معه توسلات الاستجداء ولا تهديدات معسكر الانقلاب ليقول للعالم بأسره إن الشعب مُصِر على التمسك بشرعيته ولن يفرط فى حريته وكرامته». وأضاف أن «الشعب مالك الشرعية ومانحها لا يعطيها إلا لمن يحوز ثقته برضاه الكامل، والانقلاب العسكري الدموي لا شرعية له ولا قبول، وسيظل رافضاً له، ثائراً ضده، مقاوماً له، حتى يسقطه بسلميته المبدعة وبعزيمته وصبره وإصراره»، وفق البيان.
ضعف الإقبال على الاقتراع، أحرج أيضاً الأطراف الغربية التي كانت تنظر إلى تلك الانتخابات باعتبارها سلم نزول عن شجرة عدم الاعتراف بالحكم الجديد. هذا ينطبق على الولايات المتحدة وأوروبا التي أوفدت مراقبين، جل ما تريده منهم تقرير يؤكد شفافية الانتخابات ونزاهتها والتزامها المعايير الدولية لتعيد المياه إلى مجاري العلاقات مع القاهرة تحت عنوان أن «هذه هي إرادة الشعب».
وكان صباحي الذي أعلن أنه لم ولن ينسحب، قد صرح بذلك رداً على الشائعات التي انتشرت في أيام الانتخابات بأنه يستعد للانسحاب في آخر لحظة لإفشال الانتخابات أو لاعتراضه على ممارسات أجهزة الدولة «غير الحيادية». على أي حال، قرار صباحي لم يكن ليغير شيئاً من الناحية القانونية، وهذا ما أكده الأمين العام للجنة العليا للانتخابات المستشار عبد العزيز سلمان في مداخلة تلفزيونية على إحدى القنوات الفضائية المصرية. فموعد الانسحاب القانوني قد فات، وأي إعلان بالانسحاب في اللحظات الأخيرة هو تصرف سياسي محض.
صباحي الذي تأخر كثيراً قبل إعلانه الاستمرار في السباق الانتخابي، واجه نقداً لازعاً من قبل حركة «تمرد» التي صرحت على لسان المتحدث الرسمي باسمها «محمد النبوي» أن حملة صباحي قبل بدء الانتخابات وهي تنشر «الهواجس» المتعلقة بانحياز الإعلام والدولة إلى السيسي. وفسر ممثل الحركة هذه التصريحات بأنها محاولة من صباحي للحصول على منصب بعد نجاح السيسي.
إذا كنا بصدد الحديث عن مستقبل مصر ما بعد الانتخابات، فمن المهم الإشارة إلى التعديلات الأخيرة التي قامت بها لجنة «تعديل قانوني مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب». فخريطة الطريق التي كانت تنص على إجراء الانتخابات النيابية أولاً قبل الرئاسية قد جرى عكسها لتصبح مصر برئيس يأتي على أساسه برلمان، لا العكس. أما التعديلات الأخيرة في القانون المنظم للانتخابات النيابية، فأهمها السماح للمترشح بأن يختار الدائرة دون أن يتقيد بمحل الإقامة المسجل في بطاقة الرقم القومي.




أوباما: سنواصل الضغط لتطبيق الإصلاحات

أكد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أن بلاده ستواصل الضغط من أجل تطبيق الإصلاحات في مصر. وقال أوباما، في خطاب بشأن السياسة الخارجية الأميركية، إن العلاقة مع مصر «مبنية على أساس المصالح الأمنية»، وهذا هو سبب عدم «انقطاع التعاون مع الحكومة الجديدة». وأضاف، في خطابه أثناء حفل تخرج ضباط أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية في نيويورك، أن بلاده ستواصل الضغط بشكل ملحّ لتطبيق الإصلاحات التي طالب بها الشعب المصري.
(الأناضول)