مقالات مرتبطة
بقي مدحت على تواضعه، في منزل مستأجر بسيط لا يُشير إلى كون قاطنه نائباً في البرلمان
النائب المقاوم
احتُضن الأسير المحرَّر من قِبَل القيادة السورية، وانتُخب عضواً في مجلس الشعب السوري، من دون أن يغيّر ذلك من فاعليته على صعيد قضيتَي الأسرى والجولان. بقي مدحت على تواضعه، في منزل مستأجر بسيط لا يُشير إلى كون قاطنه نائباً في البرلمان، يذهب إلى مجلس الشعب بالباص، ويتنقّل في دمشق عبر سيّارات الأجرة. وما إن أنهى دورتَين متتاليتَين حاملاً صفة ممثّل الشعب عن دائرة القنيطرة، حتى تمّ تكليفه برئاسة مكتب الجولان في الحكومة السورية، ليبقى بالهِمّة نفسها متنقّلاً ما بين بيروت حيث يضع على طاولة المقاومة أسماء رفاقه الأسرى مطالباً بإدراجهم على قوائم عمليات التبادل، ويطلّ على وسائل الإعلام اللبنانية رافعاً صوت الجولان ومشاركاً رفاقه الأسرى اللبنانيين المحرَّرين اعتصاماتهم وتحرّكاتهم، وما بين سوريا حاملاً وجع أهله إلى كلّ قرية ومدينة. ظلّ مدحت على هذه الحال، إلى ما قبل عدّة سنوات، حيث أعلنت سلطات الاحتلال اعتقال مجموعة من شباب مجدل شمس، ووجّهت إليهم اتهامات بالتواصل مع «مندوب بشار الأسد إلى الجولان وضابط المخابرات السورية ومنسّق العمليات مع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله»، ليتبيّن أن المقصود بذلك هو الصالح، رفيق درب الشهيد سمير القنطار. فاللقاء الذي كان جمعه صدفة بالأخير داخل المعتقل، تحوّل في سوريا إلى ضرورة، بفعل تداخل المهامّ في ساحة واحدة، بدءاً من أطراف القنيطرة، مروراً بقرى الجولان الأربع، وصولاً إلى الجليلَين الأعلى والأسفل.
الرحلة الأخيرة إلى الجولان
غادر النائب السابق والأسير المحرَّر، منتصف الشهر الماضي، منزله في دمشق، تاركاً خلفه زوجته هدية أبو زيد وابنه جولان (17 عاماً) وابنته راما (15 عاماً)، متوجّهاً كعادته إلى منزل يقوم بتشييده في قرية عين التينة القريبة من مجدل شمس المحتلّة، حيث أراد منزلاً سكناً على بيت صديقَيه الأخوَين بشر وصدقي المقت في الجهة المحتلة من المنطقة. ظنّ مدحت أن عمله الحكومي سوف يعطيه حصانة من استهدافه كمقاوم، إلّا أنه لم يكد يصل «تلّة الصراخ»، التي يقف على ضفّتَيها المحتلّ والمحرَّر أهل الجولان، يفصل بينهم الشريط الشائك، ليتبادلوا السلامات والتحيّات عبر مكبّرات الصوت، حتى لاقى مصرعه بإطلاق قنّاص إسرائيلي النار مباشرة عليه، في عملية استهدفت تمرير رسالة إلى كلّ مَن يتعاون مع إيران، بأنه «سينضمّ عاجلاً أو آجلاً إلى القائمة»، على حدّ قول الكولونيل (احتياط) كوبي ماروم، الخبير في شؤون القطاع الشمالي، في حديث إلى محطّة «103 أف أم». لاقت مجدل شمس الشهيد الصالح بتكريم رمزي موحّد ومهيب، زحف خلاله إلى تقديم واجب العزاء به في منزل ذويه في الأرض المحتلّة، المُحبّون من كلّ قرى الجولان، ومعهم جاءت وفود فلسطينية من مناطق مختلفة في القدس واللّد ويافا والجليل والمثلث وصولاً إلى النقب، ليُزفّ مدحت على أنه شهيد فلسطين أيضاً.
* أسير لبناني محرّر