رغم أن القدس إحدى القضايا المفترض أنها عالقة في مفاوضات الوضع النهائي بين السلطة وإسرائيل، لم يمنع ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من استغلال مناسبة ما تسميه إسرائيل «يوم توحيد القدس» لإعادة تأكيد مواقفه التقليدية لجهة رفض تقسيم المدينة المحتلة، مبرراً ذلك بأن «القدس قلب الأمة ولن يجزّأ قلبنا أبداً».
هذه المناسبة تأتي بعد 47 عاماً على احتلال الشطر الشرقي من القدس لتحتفل إسرائيل بها على وقع مواقف حاسمة أطلقها نتنياهو إزاء المدينة تحت عنوان «يوم توحيد القدس»، وخاطب بمواقفه الجمهور اليميني، فيما انطوى كلامه على رسائل أخرى إلى قيادة السلطة الفلسطينية مفادها أن عليها تحديد خياراتها النهائية انطلاقاً من أن الثوابت الإسرائيلية بشأن القدس وغيرها حقائق غير قابلة للتبديل.
ضمن هذا الإطار، لم يكتف نتنياهو، خلال جلسة احتفالية خاصة بالكنيست والحكومة، بإطلاق مواقف عامة تسمح لأحد من أصدقائه أو خصومه بالتأويل، بل ذهب إلى حدّ تعداد عدد من الأحياء اليهودية في الجزء الشرقي من القدس، مصنفاً إياه بأنه جزء لا يتجزأ من عاصمة إسرائيل. وأضاف مفاخراً: «غيلو وراموت وهار حوما (جبل أبو غنيم) كان لي الفضل في بنائها خلال ولايتي الأولى». وتابع رئيس الوزراء الإسرائيلي: «دائماً نذكّر بأن القدس هي جبل صهيون وجبل موريا والحائط الغربي حيث التقت القدس الدنيا بالقدس العليا... قبل 47 سنة ضُمّت أطراف القدس ولن تقسم أبداً، فهي أمّ جميع المدن في إسرائيل».
في المقابل، استغل رئيس المعارضة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ المناسبة لانتقاد سياسة نتنياهو، رغم أنه لا يختلف معه في الموقف بشأن تقسيم القدس، قائلاً: «بسبب السياسة الفاشلة للحكومة، بات العالم ينظر إلى أحياء القدس والمستوطنات النظرة نفسها، وبدلاً من أن تكون مدينة ترمز إلى تعدد الثقافات ونوراً للغرباء، تحولت إلى برميل مواد متفجرة». ومع تأكيد هرتسوغ ضرورة اتباع ترتيبات خاصة تضمن أمن السكان وتكفل حرية العبادة للجميع ضمن خيار بديل من تقسيم القدس ضمن أي تسوية لاحقة، رأى أن قادة إسرائيل يتجنّبون في السنوات الأخيرة الحديث عن «القدس الدنيا»، داعياً إلى الاعتراف بأن «القدس مدينة صعبة تواجه الفقر والفجوات الاجتماعية، وفيها مناطق مهملة».

ليفني تتهم نتنياهو باستغلال «الهولوكوست»
على خط مواز، اتهمت وزيرة القضاء ومسؤولة ملف المفاوضات في الحكومة الإسرائيلية، تسيبي ليفني، نتنياهو، باستخدام «الهولوكوست» للتهرب من عملية السلام، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن موقع مواقفها وهل تكون مقدمة لمغادرة الحكومة. وأضافت ليفني، في كلمة أمام مجموعة من الضباط السابقين في وحدة استطلاع هيئة الأركان العامة، «نسمع في الآونة الأخيرة كلمة الهولوكوست كثيراً، وهي كلمة تخدم السياسيين الذين بنوا حياتهم على التهديدات، كما تخدم رغبتهم في الهرب عندما يحين وقت اتخاذ القرارات». وفي موقف ينطوي على انتقاد ضمني تجاه المواقف المشككة بتوجهات رئيس السلطة محمود عباس، علّقت ليفني: «اعتدنا سؤال أنفسنا هل لدينا شريك للسلام... لكن هل نحن على استعداد لاتخاذ قرارات صعبة؟».
وضمن التجاذبات الداخلية حول الموقف من مرحلة ما بعد المفاوضات، أعلن رئيس حزب «يوجد مستقبل» ووزير المالية، يائير لابيد، أنه سيستخدم كل قوته السياسية من أجل إحباط المبادرات التي طرحت في الحكومة لضم قسم من المناطق الفلسطينية المحتلة في الضفة إلى إسرائيل، مهدداً بأنه «لن تكون هناك حكومة في حال تنفيذ هذه الخطوة». وشدد على أنه لا حل لما وصفه «النزاع الإسرائيلي ــ الفلسطيني» إلا عبر دولتين لشعبين، «أما في ما يخص مختلف تصورات الضم، فإنها ليست سوى طرق للتحول إلى دولة ثنائية القومية، ما يعني نهاية للصهيونية... لن أكون مستعداً لذلك».
وأعلن لابيد أن حزبه سيعارض بشدة ضم مناطق «ج» في الضفة المحتلة إلى السيادة الإسرائيلية، مقراً بأن خيار الانفصال «سينطوي على أمور ستؤلمنا جميعاً. فإخلاء 80 أو 90 ألف مستوطن خطوة ستهزنا جميعاً». وشاركه في ذلك رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت الذي قال إنه «لا سبيل إلى ابتلاع 4 ملايين فلسطيني وبقاء الدولة يهودية».
في الإطار نفسه، شدد وزير البناء والإسكان والقيادي في «البيت اليهودي»، أوري أريئيل، على أنه «لن يكون بين البحر والنهر سوى دولة واحدة هي إسرائيل». وكشف أريئيل عن تدشين نقطة استيطانية جديدة في القدس ما بين حي جبل الزيتون وجبل المشارف، مشيراً إلى أنه «لن يسلّم بأي تجميد لأعمال البناء في القدس أو الضفة».