القاهرة | بعد أسابيع من إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاستعداد لافتتاح «أكبر سجن في العالم»، كشفت وزارة الداخلية بدء انتظام العمل فيه، على أن يؤدّي إلى إغلاق 25% من السجون المصرية بشكل كامل، وإعادة استغلال الأراضي الخاصّة بها في مشاريع أخرى. كذلك، سيُسهم السجن الجديد في تخفيف حركة التنقّلات من وإلى المحاكم، وبالتالي تقليص نفقاتها، في ظلّ تدشين ثماني قاعات للمحاكم داخله. وأُقيم السجن، الذي تَغيّر اسمه ليصبح «مركز الإصلاح والتأهيل»، في مدينة وادي النطرون، على الطريق الواقع بين القاهرة والإسكندرية، وهو مزوّد بإمكانات تكنولوجية تتيح تقليص عدد الضبّاط العاملين فيه، وخدمات متعدّدة بحسب ما أظهرت الصوَر التي جرى توزيعها والاحتفاء بها في وسائل الإعلام، علماً أن الافتتاح الذي جرى أوّل من أمس حضرته شخصيات دبلوماسية وحقوقية وإعلامية. وتقول وزارة الداخلية إن عملية نقل السجناء إلى المركز الجديد بدأت بالفعل، وبشكل تدريجي، متحدّثة عن أن افتتاحه سيؤدي إلى تخفيض كلفة تشغيل السجون بشكل عام، لكن ما تغفله الوزارة أن موقعه الجغرافي سيكبّد أهالي النزلاء مبالغ مالية طائلة للوصول إليه، فضلاً عن طول فترات الانتظار في التفتيش والدخول والزيارات التي سيتمّ تنظيمها بشكل دوري. ويأتي هذا المشروع، الذي يجري العمل على ما يماثله في مواقع أخرى، في إطار «تحسين ظروف المحبوسين، فضلاً عن الاستفادة من القيمة الاستثمارية للسجون العمومية التي سيتمّ إغلاقها وبيع أراضيها، الأمر الذي سيؤدّي إلى تغطية كلفة الإنشاءات الجديدة»، بحسب ما تروّج له وزارة الداخلية، التي تسوّق أيضاً لنيّتها الاستثمار في السجناء، عبر تعليمهم حرفاً مختلفة، وتشغيلهم في مشاريع زراعية أو صناعية.
جرى الإعلان عن افتتاح السجن بحضور بعثات دبلوماسية وحقوقيين وإعلاميين

على أن محاولات وزارة الداخلية تحسين صورتها، وترشيد نفقاتها، ليست السبب الوحيد وراء بناء السجن الجديد، إذ إن هذه الخطوة تندرج أيضاً في إطار خطْب ودّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، من بوّابة «حقوق الإنسان». كما أنها تأتي في موازاة اتّخاذ قرار بإلغاء حالة الطوارئ بشكل كامل، الأسبوع الماضي، من قِبَل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الأمر الذي يراه النظام ضرورياً، شكلياً، لتحسين السجلّ الحقوقي، ووقف الانتقادات التي تطاوله في المحافل الدولية. لكن ما يخشاه الحقوقيون المصريون هو أن يستغلّ النظام هذه الإصلاحات في تطبيق مزيد من الإجراءات القمعية، خصوصاً أن السجون الجديدة، وإن وفّرت بيئة مناسبة للاحتجاز تتوافق مع المعايير الدولية، إلا أنها لا توفّر معاملة تليق بالمحتجزين، فضلاً عن استمرار أعمال الاحتجاز خارج إطار المحاكمات. وفي الوقت الذي سيجري فيه نقل جميع السجناء السياسيين إلى المركز الجديد، فإنّ ثمة مخاوف من عدم التزام إدارة السجن بحقوقهم في الداخل، سواءً في ما يتعلّق بفترات التريُّض، أو الزيارات التي تقوم بها أُسَرُهم، والتي تواجه تضييقاً كبيراً، حتى الآن، من دون مبرّرات قانونية.