القاهرة | «ليه أروح الانتخابات وأنا عارف انها محسومة للسيسي، مش عاوز أشارك في مسرحية هزلية»، قالها أحمد عويس، الشاب المغترب الذي يعيش في القاهرة بحكم عمله، بينما تقع لجنته الانتخابية في بني سويف (جنوب القاهرة). أحمد الذي لم يتجاوز عمره 25 عاماً، يمثل فئة كبيرة من الشباب المغتربين الذين فضلوا الاستمرار في أعمالهم غير عابئين بإجراء أول استحقاق رئاسي، بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي.
هذه المرة لم يقف الشباب في الطوابير من أجل دعم المرشحين المتنافسين في انتخابات الرئاسة، ولم يستطع أي من المرشحين تأمين وجود مندوب له في كل لجنة خلال يومي الاقتراع لمراقبة الصناديق ورصد المخالفات، رغم أن عدد اللجان الانتخابية لا يتجاوز 14 ألف لجنة انتخابية.
الشباب الذين شكلوا كتلة حرجة في المشهد السياسي منذ ثورة «25 يناير» بخروجهم على نظام حسني مبارك وتصديهم للمواجهات الدامية مع رجال الشرطة، لم يظهر غالبيتهم أمام صناديق الاقتراع على مدار يومي الاقتراع، بينما كانت الكثافة لكبار السن والسيدات اللواتي ملأن الباحات أمام أبواب الاقتراع في بعض المناطق الشعبية.
الشباب الذين يقدر عددهم بنحو 20 مليون ناخب من أصل 53 مليوناً، كان يحق لهم المشاركة في الانتخابات التي أشارت التقديرات الأولية إلى أن نسبة تصويتهم فيها لم تتجاوز 10% تقريباً، انقسموا إلى فئات عدة ما بين شباب الإخوان الذين التزموا بقرار الجماعة مقاطعة الانتخابات وشباب السلفيين الذين رفض غالبيتهم دعوة حزب النور الذي دعا إلى انتخاب السيسي. أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة قال إن من المبكر الحكم على عزوف الشباب عن الانتخابات من التقارير الاعلامية، مؤكداً في حديثه إلى «الأخبار» أن على الجميع انتظار نتائج اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية والاحصائيات التي تصدرها.
من جهته، أرجع الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجة، محمد عز العرب، عزوف الشباب عن المشاركة إلى عدة أسباب، من بينها شعورهم بالتهميش خلال الفترة الماضية، مثال على ذلك مستوى تمثيلهم المتدني في حكومة إبراهيم محلب وتعامل الدول معهم خلال الفترة الماضية. وأشار عز العرب، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «صدور قانون التظاهر في عهد حكومة الببلاوي عندما كان السيسي وزيراً للدفاع أمر نال من شعبيته لدى الشباب».
وأضاف أن «الملاحظ خلال العام الأخير سياسياً انحصار الحركات الشبابية وانزواء الشباب بعيداً عن الحياة السياسية، إضافة إلى محدودية فاعلية القوى الثورية في الشارع»، لافتاً إلى أن «الأحكام القضائية التي صدرت بحق بعض رموز القوى الثورية من الشباب أثّرت سلبياً في الروح المعنوية للشباب ومشاركتهم في العملية الانتخابية».
وأكد عز العرب أن العزوف لا يمكن حصره فقط في عزوف الشباب، ولكنه مرتبط أيضاً بانخفاض نسب المشاركة في العملية الانتخابية لمن يحق لهم حق التصويت في الاستحقاقات الانتخابية المختلفة منذ إطاحة نظام مبارك في 2011، مشيراً إلى أن نسب المشاركة في أي استحقاق رئاسي لم تصل إلى 40%، وهو ما يعبّر عن الحاجة إلى ضرورة زيادة التوعية السياسية.
عضو حركة «6 أبريل» الجبهة الديموقراطية المقاطعة للانتخابات، شريف الروبي، برّر لـ«الأخبار» عزوف الشباب لتشويه رموز ثورة يناير من خلال رجال نظام مبارك العائدين بقوة إلى الساحة خلال الفترة الماضية، إضافة إلى الملاحقات الأمنية التي تعرض لها الثوار خلال الفترة الماضية.
وأضاف الروبي أن الشباب المصري أصبح يشعر باليأس بسبب الإحباطات المتكررة التي تعرضوا لها خلال الفترة الماضية، مؤكداً أن الشباب انقسموا ما بين قلة قررت المشاركة ودعم حمدين صباحي وأغلبية قررت المقاطعة بعدما شعروا بأن أهداف ثورة «25 يناير» التي خرجوا من أجلها لم تعد قابلة للتحقيق.