بالتزامن مع هجوم الجيش السوري على مواقع المعارضة المسلحة في مدن نوى وجاسم وإنخل في ريف درعا الغربي، اندلعت اشتباكات عنيفة بين مسلحي «جبهة النصرة» من جهة ومسلحين من «الجيش الحر» و«لواء اليرموك» التابع لـ«المجلس العسكري في درعا» من جهة ثانية.
وخلفت الاشتباكات التي اندلعت في بلدة ناحتة، شمالي شرقي مدينة درعا، عشرات القتلى من الطرفين.
الاشتباك بين مقاتلي «النصرة» و«لواء اليرموك» كان متوقّعاً منذ أيام، إذ بدأ العداء يطغى على علاقة الطرفين، وعلى علاقة «الحر» بـ«النصرة» بعد اعتقال الأخيرة «رئيس المجلس العسكري في درعا» أحمد فهد النعمة قبل نحو شهرين، بتهمة «التخابر مع دول أجنبية». وعلى ما تقول مصادر أمنية متابعة إن «اعتقال النعمة حصل بعد وصول معلومات للنصرة عن نيّة المجلس العسكري البدء بقتال النصرة، بغية الحصول على أسلحة أميركية وسعودية حديثة تصل إلى الأردن، على غرار تلك التي وصلت إلى الجبهة الإسلامية في الشمال السوري».
ولم تقف الأمور عند هذا الحدّ، ففي الشهرين الماضيين وقعت عمليات اغتيال متبادلة عدة بين «النصرة» و«المجلس العسكري»، كانت آخرها المحاولة الفاشلة التي تعرّض لها قبل يومين القيادي في «لواء اليرموك» أبو قاسم مجاريش، المعروف بعلاقته بالاستخبارات السعودية، على ما تؤكد المصادر الأمنية. وقد نجا مجاريش إثر تفجير عبوة ناسفة ألصقت بسيارته، في مدينة صيدا، غربي درعا. يُذكر أن «لواء اليرموك»، وهو من أكبر تشكيلات «الجيش الحر» في درعا، قد أعلن موافقته قبل أيام على «ميثاق الشرف الثوري»، الذي وقّعته فصائل مسلحة عديدة في المعارضة السورية، ولم توقّعه «النصرة».


عملية خان الشيح ستغلق آخر مصادر دعم مسلحي داريا

وبعيداً عن معارك المعارضة الداخلية، تابع الجيش السوري عملياته في الريف الغربي لدرعا وأحياء درعا البلد والمنشية ومخيم اللاجئين الفلسطينيين في مدينة درعا، بعد انقضاء المهلة التي أعلنها الجيش للمسلحين قبل أيام. وعلى مدى اليومين الماضيين، شنّت المروحيات عمليات قصف مركّزة لنقاط تجمّع للمعارضة بمختلف تشكيلاتها، ولا سيّما «حركة المثنى الإسلامية»، التي خسرت عدداً من كوادرها خلال المعارك الأخيرة. وكثّف سلاح الجو أمس ضرباته الجوية في كل من انخل وجاسم ونوى وتسيل، كذلك استهدف حشود المعارضة التي تحاول منذ أيام السيطرة على موقع تل الجموع التابع للجيش شمال مدينة نوى. أما في القسم الشمالي من المحافظة، فطاردت المروحيات والمدفعية نقاط تجمّع للمسلحين في منطقة اللجاة، الفاصلة بين محافظتي درعا والسويداء، وهي منطقة حرجية وجرداء تعدّ ملاذاً لمقاتلي المعارضة وممراً من البادية السورية في الشرق إلى درعا في الغرب، والريف الدمشقي في الشمال. ودمّرت المروحيات عدداً من الآليات التابعة لـ«أحرار الشام» إثر محاولتها الانتقال إلى الريف الغربي. وفي درعا البلد، تمكنت وحدات الجيش المرابطة في حيّ المنشية، داخل درعا البلد، من تدمير أحد الأنفاق العسكرية، الذي كان يتجمع بداخله المقاتلون المشاركون في عملية الحفر. وخلال الحفر، فجّر الجيش النفق اعتماداً على تفخيخ مدخله، ما أدى إلى سقوط ما يزيد على 9 مقاتلين من جنسيات مختلفة.
في موازاة ذلك، تركزت العمليات العسكرية للجيش على جبهات متفرقة من الغوطة الغربية لدمشق، حيث تمثّل التحول الأبرز في الخريطة الميدانية للعمليات العسكرية، بتوغل الجيش في مخيم خان الشيح، على وقع الاشتباكات العنيفة، التي أودت بحياة العشرات من مقاتلي «النصرة» و«الحر»، وأدت إلى إحكام الجيش طوقاً كاملاً حول المخيم، والتقدم من محور واحد. إلى ذلك، أكد مصدر عسكري لـ«الأخبار» أنّ «العملية الأخيرة للجيش السوري في المخيم، ستؤدي إلى إغلاق آخر مصادر دعم مسلحي داريا جنوباً، وهذا ما من شأنه أن ينقل داريا إلى أحد احتمالين، إما التسوية النهائية، أو الحسم السريع». واستمر سلاح الجو في استهداف مواقع المسلحين في داريا، ولا سيما في القطاع الأوسط منها، في وقت صدّ فيه الجيش محاولة خروج عدد من مقاتلي داريا من المدينة لمؤازرة مخيم خان الشيح، حيث أدى صد تلك المحاولة إلى قتل بعضهم وإصابة البعض الآخر.

«شروط جديدة» في اليرموك

إلى ذلك، أصدر عدد من مقاتلي المعارضة داخل مخيم اليرموك ورقة «شروط جديدة» للقبول بالتسوية مع الفصائل المسلحة. وتضمّنت تلك الورقة مطالبة المسلحين بأن يكونوا جزءاً من اللجان الأمنية التي ستتولى حماية المخيم، وطالبوا بأن يكون الحاجز الذي سيقام عند الجزء الشمالي من اليرموك حاجزاً مشتركاً، مع السماح لهم بحرية قبول أو رفض دخول أحد المدنيين إلى المخيم. ويؤكد أحد أعضاء لجان المصالحة في المخيم، أبو مالك، لـ«الأخبار»، أن الوفد المفاوض عن المسلحين «جاء بتلك الطلبات إلينا، وقد رفضناها رفضاً مطلقاً لأنها تؤسس لإعادة إنتاج الأزمة في اليرموك»، معقباً: «ليس من مصلحتهم تعقيد التسوية في ظل انتشار منطق المصالحة في كافة المناطق المحاذية للمخيم، في النهاية سيجدون أنفسهم مضطرين إلى الاستسلام، خاسرين أي أمل في تسوية أوضاعهم».
أما في الغوطة الشرقية، فينتظر إعلان الجيش السوري إنهاء عملياته في المليحة التي سيطر على مجمل كتلها السكنية، حيث يواصل تفكيك الألغام والعبوات. ويبقى إطار العمليات في المزارع المحيطة التي تشهد اشتباكات عنيفة.
من ناحية أخرى، مُدِّد وقف إطلاق النار في حيّ الوعر في حمص أمس حتى يوم غد الخميس.
على صعيد آخر، لم تتوقف المعارك بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» من جهة و«جبهة النصرة» و«الجبهة الإسلامية» من جهة أخرى في محافظة دير الزور. وهزّ أمس انفجار ضخم مدينة البصيرة التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» في المحافظة، لتدور بعدها اشتباكات عنيفة بين التنظيمات المعارضة. وبعد سيطرة «داعش» على الشولا، أعدم التنظيم عدنان سلامة، المقاتل في «أحرار الشام» والإعلامي، عبر قطع رأسه، وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً له.