غزة | لا يزال صدى معركة «سيف القدس» التي خاضتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وآزرها فيها الفلسطينيون في مختلف مناطق وجودهم بما فيها الداخل المحتلّ عام 1948، يتردّد لدى سلطات العدو التي شرعت في تنفيذ أخطر مخطّط لتهجير أهالي مدينة اللدّ، بعدما شكّلت الأخيرة مركز ثقل التحرّكات الشعبية الموازية، خلال معركة أيار الماضي. وبحسب رسالة من فلسطينيين يعيشون في المدينة وصلت إلى «الأخبار»، فإن بلدية الاحتلال شرعت في تنفيذ مخطّط جديد يهدف إلى تغيير ملامح البلدة القديمة التي يوجد فيها الفلسطينيون بكثافة، تمهيداً لتهجير الكثيرين منهم، وإحلال مستوطنين يهود مكانهم. وتوالت، خلال الفترة القصيرة الماضية، الإغراءات المُقدَّمة من البلدية لأهالي البلدة من أجل التصديق على المشروع الذي يرمي في ظاهره إلى إقامة عمارات سكنية بديلة متطوّرة للفلسطينيين، فيما الغرض الحقيقي منه ترحيل هؤلاء، وجلب 500 عائلة من المستوطنين لتسكن منازلهم. وتستهدف الخطّة التي يقودها رئيس بلدية اللدّ، يائير رفيفو، الذي ينتمي إلى «حزب البيت» اليهودي المتطرّف، تشتيت الفلسطينيين وتضعيف قدرتهم على التجمّع أو مواجهة اعتداءات المستوطنين كما حدث في معركة «سيف القدس»، والذي كان خارج حسابات المؤسّستَين الأمنية والسياسية، وهو ما جعل الشرطة عاجزة عن السيطرة عليها، وألجأها إلى الاستعانة بالجيش لتنفيذ حملة اعتقالات طالت أكثر من 500 شاب فلسطيني في المدينة.وفي الإطار نفسه، أكدت صحيفة «هآرتس» العبرية أن أهالي اللّد يخوضون صراعاً ضدّ بلدية المدينة، على خلفية خشيتهم من وجود نيّة لطردهم من منازلهم. وأشارت الصحيفة إلى أن المخطّط الجديد الذي تحاول البلدية تمريره يهدف إلى بناء أبراج شاهقة بدلاً من المساكن القديمة بقيمة 6.9 مليار شيكل أي ما يعادل مليارَي دولار، موضحة أنه يستهدف 80% من مباني البلدة القديمة بهدف استقطاب المزيد من السكّان الجدد إليها، وخاصة من اليهود، ما سيؤدي إلى أن يصبح العرب أقلّية تُمكن السيطرة عليهم ومنع أيّ تحركات وطنية لهم كما حدث أخيراً. ولفتت «هآرتس» إلى وجود تحرّكات فلسطينية داخل اللدّ لمعارضة المشروع، وعدم التوقيع على أيّ أوراق تسمح بتنفيذه. ويشكّل الفلسطينيون في البلدة القديمة قرابة 70% من إجمالي السكّان، فيما تتطلّع بلدية الاحتلال إلى تقليص هذه النسبة إلى 40%، بحسب الرسالة التي وصلت إلى «الأخبار». ولذا، قدّمت البلدية عرضاً للسكّان الفلسطينيين للتنازل عن منازلهم مقابل الإقامة في 400 عمارة في مناطق أخرى، وهي عبارة عن شقق سكنية بدل البيوت التي يملكونها، الأمر الذي ترفضه العائلات الفلسطينية لإدراكها حقيقة المخطّط الهادف إلى التخلّص من وجودها.
انطلقت في مدينة اللدّ حملة تحت عنوان «مش خاتم»، لحثّ السكّان الفلسطينيين على رفض المشروع


وخلال الفترة الأخيرة، انطلقت في مدينة اللدّ حملة يقودها عضو البلدية، الفلسطيني أكرم ساق الله، تحت عنوان «مش خاتم»، لحثّ السكّان الفلسطينيين على رفض المشروع ومواجهته. وبحسب ساق الله، فإن الغرض من مشروع البلدية القضاء على الصفة العربية لمدينة اللدّ، والتي تتجلّى في الكنيس والمسجد العمري والمحطة المركزية والكثير من المعالم الفلسطينية، واستبدال عمارات ومبانٍ جديدة بها، ستضمّ الآلاف من اليهود الذين ستزرعهم الجمعيات الاستيطانية المدعومة من الحكومة والمنظومة الأمنية. ويجتهد ساق الله في حملته لحضّ الأهالي على عدم التوقيع على المخطّط الجديد الذي يستلزم توقيع 70% منهم ليتمّ تمريره، وهو ما لم تنجح فيه البلدية حتى الآن، إذ لم تُوقّع عليه سوى أربع عائلات، لم تكن على علم أصلاً بأهداف الخطّة الإسرائيلية وبنودها. وفي حال استمرّ رفض الأهالي، ستضطرّ بلدية الاحتلال للبحث عن مكان آخر في مدينة اللدّ لتنفيذ المشروع، فيما يدور الحديث عن المنطقة المحيطة بما يُسمّى «الكلية العسكرية» في المدينة كمكان محتمل لإقامة بؤرة استيطانية. ويعتقد عضو البلدية، الفلسطيني محمد أبو شريقي، أن هذه المساعي تأتي انتقاماً من أهالي اللدّ، الذين «أوجعوا المؤسسة الإسرائيلية بوقفاتهم وانتمائهم لكلّ الأحداث في باقي أنحاء الوطن، خاصة موقفهم الصامد والقوي خلال هبّة أيار، والذي لم تَفق منه هذه المؤسسة إلى اليوم».