طرابلس | عاد شبح الانقسام العنقودي ليظلّل المشهد الليبي، وسط بوادر انشقاق داخل حكومة عبد الحميد الدبيبة، بعدما طلب النائب الأوّل لرئيس مجلس الوزراء حسين القطراني، من مسؤولي إقليم برقة الذي يمثّله، عدم الالتزام بقرارات الدبيبة، من دون الرجوع إليه. واتّهم القطراني، رئيس الوزراء، بعدم امتلاك قراره وافتقاده الخبرة الإدارية، وذلك في لقاء عقده في بني غازي، مدعوماً من رئيس البرلمان عقيلة صالح، الساعي إلى رئاسة الجمهورية في الانتخابات المقبلة. وتزامن الهجوم الأحدث على الدبيبة مع تصاعد الانتقادات الداخلية المُوجَّهة إليه، بسبب عدم طروء أيّ تحسّن في البنية التحتية، وتراكم المشاكل، على رغم وعوده السابقة بالعمل على حلّها. إلّا أن تحرّك القطراني جاء مدعوماً، أيضاً، من أطراف خارجية، في محاولة لممارسة مزيد من الضغوط على الدبيبة، من أجل وقف التنسيق المتزايد مع تركيا. وبعدما كان من المفترض أن يقوم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بزيارة لليبيا، تمّ إرجاء هذه الزيارة لتصبح رهن اعتبارات عديدة، في مقدّمها العمل على تقليص الخلافات بين أنقرة ودول الخليج، وتحييد الملفّ الليبي الذي يشهد أصلاً توتّراً غير مسبوق، على المستوى السياسي. من جهة أخرى، اعتبر نائب الدبيبة أن الأمور تسير في اتجاه عدم إجراء الانتخابات في موعدها، على رغم تأكيد مفوّضية الانتخابات القدرة على إجرائها من دون أيّ مشكلات، خصوصاً بعد الدعم الذي تلقّته، على جميع المستويات، سواءً من الحكومة أو الأطراف الدولية، التي قدّمت لها مساعدات لوجيستية، فيما يلتزم رئيسها الصمت منذ أيام، في ظلّ اتصالات مكثّفة بينه وبين رئيس الحكومة والوزراء.
تتكوّن المبادرة التي تطرحها وزيرة الخارجية من مسارَين أمني واقتصادي

في هذا الوقت، تسعى وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، إلى حشد المزيد من الدعم الدولي خلال الفترة المقبلة، من أجل تجنّب انقسامات إضافية من شأنها عرقلة المسار السياسي، وذلك عبر مؤتمر دولي لـ»دعم الاستقرار» سيُعقد للمرّة الأولى في طرابلس على مستوى وزراء الخارجية، بعدما وُجّهت دعوات إلى أكثر من 10 من هؤلاء، بحسب معلومات «الأخبار». وتتكوّن مبادرة المنقوش من مسارَين: الأوّل، أمني عسكري مرتبط بملفّ المرتزقة وإخراجهم من البلاد، وفق جدول زمني يستمرّ إلى مرحلة ما بعد الانتخابات، لكن مع الالتزام بتطبيقه لضمان توحيد المؤسّسة العسكرية، ومنع التدخّلات الأجنبية السلبية، فضلاً عن دعم مسار العملية السياسية، والالتزام بالجدول الزمني المُعلَن لإجراء الانتخابات الرئاسية في 24 كانون الأول المقبل، وبعدها الانتخابات البرلمانية. أمّا المسار الثاني، فاقتصادي، ويتمحور حول استمرار التعاون بين الدولة الليبية والمؤسّسات الدولية، وتعزيز الاستثمارات، وإعادة الأنشطة، مع توفير بيئة عمل آمنة ومستقرّة، بالتنسيق مع البعثة الأممية ومصرف ليبيا، الذي تتسارع خطوات توحيده، بجهود من المنقوش، التي يثير عملها في هذا الملفّ غضب بعض الوزراء، على اعتبار أن وزارة الخارجية ليست مسؤولة عنه. يبقى أن وزيرة الخارجية تسعى، من خلال عقْد المؤتمر في طرابلس، والذي سيكون أرفع حدثٍ يتمّ تنظيمه داخل ليبيا منذ سنوات، إلى التأكيد على وجود حكومة قائمة بالفعل، عبر ممارسة عملها والاستمرار فيه، من دون التأثّر سلباً بقرار البرلمان سحْب الثقة منها.
على خطّ موازٍ، تسود حالة من التوتّر داخل المؤسّسة الوطنية للنفط، بعد اختفاء اثنين من موظّفيها البارزين في ظروف غامضة، فور خروجهما من طرابلس، وأحدهما هو رئيس لجنة إدارة معهد النفط خالد العاتي. ويُعتقد بأن الاختطاف جرى لأسباب ليست لها علاقة بالمؤسّسة، بشكل مباشر، في حين يقول زملاء للمخطوفَين إن العاتي لديه معلومات مهمّة للغاية بشأن خريطة النفط في البلاد، ويرجَّح أن يكون اختطافه بسببها.