ريف دمشق | في الوقت الذي يوسع فيه الجيش السوري عملياته العسكرية في ريف دمشق الجنوبي والغربي، وخصوصاً في مدينة داريا، يتواصل العمل على انجاز تسويات في مناطق مجاورة. وكشف مصدر رسمي لـ«الأخبار»، أمس، عن توقيع اتفاق مصالحة في حيّي القدم والعسالي، بين ممثلّين عن الدولة السورية ووجهاء وممثلين عن مسلّحين من الحيّين.
لم يختلف مضمون تلك المصالحة عن مثيلاتها في مناطق أخرى من ريف دمشق: «تسوية أوضاع بعض المسلّحين، والإفراج عن أعداد من المختطفين والمعتقلين لدى الطرفين، وقيام الدولة بتكليف المسلّحين المحليين إدارة شؤون الحي، وخروج المسلّحين المتشدّدين منه...»، يضيف المصدر. ويبدأ العمل على تنفيذ بنود الاتفاق في الفترة المقبلة «على نحو تدريجي، خطوة فخطوة، أولها يكون وقف إطلاق النار بين الطرفين». ويلفت المصدر إلى أنّه «ستحدّد التجربة نجاح هذا الاتفاق، فقد بات معلوماً أن لكل تسوية مؤيدين ورافضين، الذهاب إلى التطبيق سيكشف عن القوى الرافضة لهذا التسوية وعن حجمها ومدى تأثيرها».
ومثّل الحيّان مقصداً للمسلحين المتشدّدين الرافضين للتسويات التي أقيمت في مناطق عدّة من الريف الجنوبي، كببيلا ويلدا وبيت سحم ومخيّم اليرموك. فالمساحة الشاسعة لهذا الحي، التي تشغل الأراضي الزراعية والبساتين معظمها، مثّلت بيئة ملائمة لإقامة المسلّحين فيه وتحرّكهم ضمنه. وتمتلك تلك المنطقة، أيضاً، أهمية خاصة بحسب المتابعين، لكونها تتداخل مع مناطق تخضع لسيطرة الدولة شمالاً، كمنطقتي الدحاديل ونهر عيشة، ومع مخيّم اليرموك من الجهة الشرقية، فيما لا يفصلها عن مدينة داريا، غرباً، سوى طريق درعا الدولي، الذي يسيطر عليه الجيش، إلا أن الوصول إلى اتفاق المصالحة يعكس، بحسب مصدر عسكري، «حال المسلّحين المتردية، وانسداد أي أفق لديهم بالخروج من الطوق المحكم، الذي فرضه الجيش عليهم. ما دفع بعدد كبير بينهم إلى قبول التسوية التي تحولت بدورها إلى مطلب شعبي عند سكان القدم والعسالي والأحياء المجاورة».

التطورات الأخيرة في داريا أدت دوراً كبيراً في التوصّل إلى الاتفاق
التطورات الأخيرة في مدينة داريا أدت دوراً كبيراً في التوصّل إلى الاتفاق المذكور، إذ يقول مصدر مطلع على تفاصيل الاتفاق لـ«الأخبار»: «كان قرار الجيش بتصعيد عملياته في مدينة داريا، مع إبقاء الباب مفتوحاً للتسويات، هو الذي حسم عملياً الأمور في القدم وعسالي نحو الاتفاق». ويشرح المصدر: «لطالما كانت التسوية مطلباً للوجهاء والأهالي في القدم وعسالي، إلا أن المسلّحين كانوا متعنّتين على الدوام إزاء التسوية». ومع تضييق الخناق على مسلحي داريا «تصاعد ضغط المؤيدين للتسوية على المسلّحين، ودارت عجلة المصالحة في المنطقة».
ويؤكّد مصدر ميداني لـ«الأخبار» أنّ نجاح المصالحة في حيّي القدم وعسالي، إذا جرى، من شأنه أن «ينهي عملياً المعارك العسكرية المباشرة في الريف الجنوبي كاملاً، باستثناء المناطق المتصلة بمنطقة داريا، وسيقتصر العمل العسكري على رصد حدود البلدات في تلك المناطق ومنع الخروق، أو محاولات التسلل بين المناطق، إذا حصلت».