بدأ العد التنازلي للساعات الاخيرة قبل السباق الانتخابي الحاسم لمستقبل مصر. بدأ الـ«صمت الانتخابي» منذ منتصف الليل، وامتنعت الحملتان عن ممارسة الدعاية الانتخابية. ومعروف أن عقوبة من يخالف هذا الصمت الغرامة التي لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على نصف مليون جنيه، وذلك طبقًا للمادة 49 من قانون الانتخابات الرئاسية.

المشير عبد الفتاح السيسي في آخر حوار تلفزيوني له قبل تطبيق «الصمت» صرح بأنه لم يذكر برنامجه الرئاسي بالكامل، وذلك لأمور تتعلق بالأمن القومي المصري. أما صباحي، فقد ختم حملته الانتخابية بميدان عابدين في وسط القاهرة، فيما هتف أنصاره هتافات تندد بقانون التظاهر.
لكن يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين الموصوفة بالإرهابية من قبل القضاء المصري، لا تزال تبذل مجهودًا لتظهر على الساحة في فترة نبذها فيها الكثير من الشعب المصري. نظمت عدة مسيرات في محافظات الجمهورية، بدءًا من مسيرة شارع السودان في منطقة المهندسين في محافظة الجيزة، مرورًا بمسيرة في الفيوم، حيث أطلق الأمن قنابل الغاز عليها، حتى الاسكندرية شمالًا، حيث نظم أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي تظاهرات منددة بالمشير عبد الفتاح السيسي والجيش والانتخابات.

وعد الاتحاد
الأوروبي بإرسال
تقرير عن الانتخابات
إلى القاهرة

ويبدو أن قوات الأمن اعتادت التصدي لفاعليات يوم الجمعة، التي أصبحت بمثابة رياضة اسبوعية، يكفي تحمل اليوم وإطلاق عدة قنابل غاز ليهدأ الشارع في اليوم التالي، كأن شيئًا لم يحدث. واحيانًا يسقط قتلى، كما حدث البارحة حين سقط ثلاثة قتلى في التظاهرات. ويظهر جليًا عدم قدرة الجماعة على إحداث تغيير حقيقي في الشارع المصري، وذلك بعد ملاحقة قادتها المبنيين بتنظيم هرمي، كما أن ملاحقة رجال الأعمال الإخوان، والسيطرة الأمنية المشددة على وسائل المواصلات وطرق الربط بين المحافظات، وقفتا حائلًا أمام الجماعة لحشد أنصارها من الأقاليم البعيدة، وجمعهم في القاهرة كما كانت تفعل سابقًا.أما الشيخ جمعة محمد علي، الشهير بخطيب التحرير، حيث يعمل إمامًا لمسجد عمر مكرم القريب من الميدان، مما خوله أن يخطب في المتظاهرين من بداية الثورة حتى في فترة السخط على الإخوان وصولًا إلى 30 يونيو، فقد رأى أن «كل من سيقاطعون الانتخابات ما هم إلا إرهابيون، أو مراهقون سياسيون يتمنون الفوضى». وأضاف أن «السيسي هو الرجل المناسب لمصر، فهو رجل المفاجآت»، داعيًا اياه إلى تعديل اتفاقية «كامب ديفيد»، التي تعيق مصر على حد وصفه من السيطرة على سيناء وقطع دابر الارهاب. في سياق متصل، نجحت القوات المسلحة في قتل زعيم التنظيم التكفيري «أنصار بيت المقدس» شادي المنيعي. وقد أُطلق الرصاص على سيارة كان يستقلها هو وثلاثة من كبار قادة التنظيم في شبه جزيرة سيناء. أدت عملية الجيش المصري إلى مصرع الاربعة الذين كانوا في طريقهم إلي تفجير أحد أنابيب الغاز. ويشار الى أن هذا التنظيم كان الأنشط في الفترة السابقة منذ عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، فقد تبنى تفجيرات مديرية امن جنوب سيناء في كانون الأول الماضي، وتفجير مديرية أمن القاهرة في كانون الثاني، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية المصري محمد ابراهيم في ايلول الماضي.
ويبدو واضحاً أن هم الجيش المصري اليوم يتركز على العبور بمصر من فترة الانتخابات، وهذا ما يفسر دعوة الجيش المصري الناخبين إلى التعاون مع القوات المسلحة في تأمين الانتخابات، وعدم اصطحاب المواطن اية حقائب أو متعلقات أثناء قيامه بالانتخاب، وذلك خوفًا من أن يجري استهداف مراكز الاقتراع بعبوات ناسفة أو بهجمات إرهابية. وخصص الجيش أرقامًا ساخنة لتلقي البلاغات في يومي الانتخابات من كافة المواطنين، لكن تركيز الجيش المصري على تأمين الانتخابات لم يمنعه من إرسال وفد إلى موسكو، التي وصلها مساعد وزير الدفاع وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة اللواء محمد العصار على راس وفد عسكري في زيارة غير معلنة. وليس هذا الأمر بالغريب فقد سبق أن قام المشير عبد الفتاح السيسي عندما كان وزيرًا للدفاع هو ووزير الخارجية المصري الحالي نبيل فهمي بزيارة موسكو أواخر العام الماضي، لبحث سبل التعاون الدبلوماسي والعسكري.
أما بالنسبة إلى المشاركة الدولية في الرقابة على الانتخابات المصرية، فقد أعلن نيكولاي فولشانوف، نائب رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمتابعة الانتخابات، أن البعثة ستقدم تقريرًا مبدئيًا إلى السلطات المصرية بعد يومين من انتهاء الانتخابات، كما ستقدّم التوصيات النهائية بعد شهرين. ويعد الترحيب بالرقابة الدولية موضوعًا جديدًا في الانتخابات المصرية، حيث كان ينظر إليها دائمًا على أنها نوع من أنواع التدخل الخارجي في الشؤون المصرية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)