مرحلة المجازر المتبادلة هي جديد «الحرب الأهلية الجهادية» بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق الشام» من جهة و«جبهة النصرة» وحلفائها من جهة أخرى، في وقت واصلت فيه قضية «ميثاق الشرف الثوري» التفاعل، ليدخل معسكر «النصرة» وحلفاؤها في خضم حرب بيانات يبدو أنها تنذر بتفتّت هذا المعسكر، آخذة المشهد «الجهادي» نحو مزيد من التداخلات المُعقدة.
أحدث فصول المجازر كان مسرحها مدينة الميادين في ريف دير الزور أمس، حيث أفادت مصادر مرتبطة بتنظيم «داعش» عن إعدام مسلحين تابعين لـ«الحلفاء» «ثمانية أسرى من أبناء وأنصار الدولة الإسلامية»، في خطوة جاءت ردّاً على إعدام «داعش» 32 مسلحاً «جهادياً» في الشولا في ريف دير الزور، يتبع ثلاثة منهم لـ«النصرة»، و29 لـ«الجبهة الإسلامية»، 25 منهم يتبعون لـ«حركة أحرار الشام». أوساط «الحلفاء» أكدت أن هؤلاء كانوا أسرى لدى التنظيم المتطرف، وأن «منهم من أُعطي الأمان، ثم قُتل بعد أسره. وآخرون قُتلوا نياماً». كذلك اُتهم التنظيم بالتنكيل بجثث القتلى، وتشويهها باستخدام الأسيد، فيما نفت أوساط «داعش» صحة هذه الاتهامات، وقالت إن «هؤلاء قُتلوا أثناء معركة الشولا». وقال مصدر مرتبط بالتنظيم لـ«الأخبار» إن «جبهة الجولاني قد اعتادت أن تتباكى بعد كل هزيمة تُمنى بها على يد الدولة، كما اعتادت الكذب والتلفيق»، واضعاً الحديث عن تصفية أسرى في هذا السياق.
مصدر مواكب لتطورات المشهد «الجهادي» في دير الزور أكد لـ«الأخبار» أن قتلى الشولا لم يسقطوا خلال المعارك، وأن الأنباء عن تصفيتهم بعد أسرهم صحيحة، الأمر الذي جاء رداً على قيام «الحلفاء» بإعدام مسلحين تابعين للتنظيم في وقت سابق. ويبدو أن المجازر قد دخلت مرحلة ثأرية تُنذر بتصاعدها، وتحولها إلى نهج متبادل بين الطرفين، بالتزامن مع حرب اتهامات متبادلة بـ«الكفر والإجرام»، حفلت بها صفحات الطرفين على موقع «تويتر».
ميدانياً، كان أبرز التطورات في دير الزور أمس سيطرة «داعش» على محطة الخراطة النفطية، الواقعة على بعد نحو 40 كلم إلى الجنوب الغربي من المدينة. وقال «المرصد السوري لحقوق الانسان» المعارض إنّ التنظيم سيطر على المحطة «عقب اشتباكات عنيفة مع جبهة النصرة ومقاتلي الكتائب الإسلامية، والتي أدّت إلى مصرع 26 مقاتلاً على الأقل من النصرة والكتائب الإسلامية، بعضهم أعدمته الدولة الإسلامية عقب أسرهم، وبينهم من تم فصل رأسه عن جسده. وبهذا فإن الدولة الإسلامية تسيطر على 5 مراكز ومواقع نفطية في ريف دير الزور منذ بدء الاشتباكات».

حرب بيانات بين «النصرة» وحلفائها

إلى ذلك، تفاعلت في اليومين الماضيين ردود الفعل حول «ميثاق الشرف الثوري» الذي وقّعته مجموعات «جهادية» سورية عدّة. ورأى فيه البعض «بدايةً لانقلاب على المهاجرين».
وأول من أمس، أصدرت «جبهة النصرة» بياناً في هذا الشأن، طالبت فيه الموقّعين على «الميثاق» بـ«بالرجوع عن البيان وتعديله وضبطه بألفاظ ومشاريع إسلامية واضحة بيِّنة». ورغم اللهجة الهادئة التي طبعت بيان «النصرة»، غير أنه انطوى على تفاصيل ينبغي التوقف عندها، وعلى رأسها اتهام «الميثاق» بـ«مخالفة الشريعة»، الأمر الذي ينسحب، بطبيعة الحال، على الموقّعين عليه. كذلك تُمثّل المطالبة بسحب «الميثاق» وتعديله معادلاً مُلطفاً لـ«الاستتابة»، حيث يُمنح «المرتد» عادة ثلاثة أيام لإعلان توبته، قبل أن يُباح دمه. ويبدو أن «النصرة» تحاول جاهدة تحاشي الدخول في حرب مع حلفائها، لكنها في الوقت نفسه تتوجس من «الميثاق». وتبدو تطورات الأيام القادمة رهناً بردّ حلفاء «النصرة» (وبشكل خاص «الجبهة الإسلامية») على بيانها.
وكان «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» قد أصدر أمس بياناً في شأن «ميثاق الشرف»، أكّد فيه تلازمه مع «ميثاق الاتحاد». وبدا لافتاً أن بيان «أجناد الشام» قد أكد التمسك بـ«العنصر السوري»، الأمر الذي من شأنه أن يُعزز مخاوف «النصرة» و«المهاجرين». ورأى بيان «أجناد الشام» أن «القوى الموقّعة على الميثاق هي القوة العسكرية الضاربة في جميع أنحاء سورية»، وأن «التشكيلات الموقّعة تمثل جميع التيارات الإسلامية السورية». واختتم البيان بما يمكن اعتباره رداً على اتهام «النصرة» لـ«الميثاق» بـ«مخالفة الشريعة»، إذ «جميع البنود الواردة في الميثاق منضبطة بتعاليم الإسلام الحنيف وتظهر وسطية الإسلام...».

«داعش» يتوعد بذبح زهران علوش

في سياق آخر، توعّد قيادي في تنظيم «داعش» بـ«القصاص» من قائد «جيش الإسلام» زهران علوش، جرّاء «تطاوله على مقام الشيخ أبو بكر البغدادي». جاء ذلك بعد أن نشر علوش على صفحته في «تويتر» مقطعاً مصوّراً يُظهر جثث مسلحين تابعين لـ«داعش» قام مسلحو «جيش الإسلام» بتصفيتهم. وأرفق علوش المقطع بعبارة تهزأ من زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، هي «هدية لأمير (المؤمنين به من المغفلين)». ووصف القيادي ما قام به علوش بـ«التطاول على سادته»، وقال إن «عميل آل سلول (المقصود آل سعود) سيعرف قدر نفسه قريباً. وإني لأراه بإذن الله مذبوحاً على أيدي أسود الدولة، ليكون عبرةً لكلّ من تسوّل له نفسه التجرّؤ على مقام شيخنا البغدادي».