غزة | في الوقت الذي قدَّمت فيه حركة «حماس» تصوّرها لخريطة طريق صفقة تبادل الأسرى مع دولة الاحتلال، عبر الوسيط المصري، دخل وسيط ألماني جديد لم يُكشَفْ عن اسمه لتقريب وجهات النظر، وتنفيذ الصفقة التي لا تزال حكومة الاحتلال تراوغ وتتهرّب من دفع أثمانها الملائمة. وجاء التحرّك الألماني تزامناً مع زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى إسرائيل، ولقائها رئيس الحكومة نفتالي بينت، ووزير الأمن بيني غانتس، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال حالوتا الذي يقود، عبر القاهرة، مفاوضات تبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية. وأفاد مصدر في «حماس»، «الأخبار»، بأن الحركة تتعاطى مع جميع الوسطاء الذين يتواصلون معها في شأن ملفّ الجنود الأسرى، بمَن فيهم الألمان الذين تدخّلوا في السابق لإتمام صفقة «وفاء الأحرار» في عام 2011، مؤكداً أن قنوات الاتصال مفتوحة مع برلين في هذا الخصوص.وإلى تقديم «حماس» خريطة الطريق هذه إلى المصريين، فهي نقلت إلى مختلف الوسطاء، بمن فيهم الألمان، رؤيتيْها السابقة والحالية في هذا الخصوص: إتمام الصفقة على مراحل، أو مرّة واحدة. وجاء تدخُّل الوسيط الألماني بعد مطالبة تل أبيب برلين، توسُّط القاهرة لدى حركة «حماس»، بفعل الثقة التي يوليها كيان الاحتلال بالجهود الألمانية، فيما أكد المصدر أن الألمان لم يبادروا من تلقاء أنفسهم إلى التوسُّط، بل انتظروا أن يأتيهم الطلب من الإسرائيليين. وفي الإطار ذاته، لا تزال الفجوات كبيرة بين الموقفَيْن الفلسطيني والإسرائيلي، في ضوء مراوغة حكومة الاحتلال التي ترفض دفع الثمن المناسب. لذا، يسعى الوسطاء، حالياً، للتوصّل إلى حلول وسط تدفع الصفقة قُدُماً، وتؤدّي إلى بدء البحث في الثمن والأعداد والأسماء المنويّ الإفراج عن أصحابها. وكشف المصدر أن دولة الاحتلال حاولت، طيلة السنوات الماضية، وأخيراً، كسْر معادلة آلاف الأسرى مقابل جندي واحد، بالإضافة إلى رفْضها إطلاق سراح الأسرى «الملطّخة أيديهم بالدماء»، لكنّها فشلت وتراجعت أمام صلابة المفاوض الفلسطيني الذي استطاع كسْر عدّة معادلات، خلال السنوات الماضية: الأسرى مقابل الحصار، أسير مقابل أسير، والمعلومات المجانية. وتطالب حركة «حماس» بالإفراج عن أكثر من 600 أسير فلسطيني من أصحاب المحكوميات العالية وقدماء الأسرى وآلاف الأسرى الآخرين، بالإضافة إلى رموز الحركة الأسيرة من الفصائل الفلسطينية المختلفة، بمَن فيهم مروان البرغوثي الذي التقت زوجته قيادة «حماس»، في القاهرة أوّل من أمس، وتلقّت تطمينات من رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، بأن زوجها سيكون على رأس القائمة.
حاولت دولة الاحتلال، طيلة السنوات الماضية، وأخيراً، كسْر معادلة آلاف الأسرى مقابل جندي واحد


وتزامناً مع زيارة المستشارة الألمانية دولة الاحتلال، شاركت عائلة الجندي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية، هدار غولدن، في احتجاج قرب فندق «الملك داود» في القدس المحتلّة، حيث عُقِد اللقاء بين بينت وميركل، للمطالبة بإعادة الجنود من غزة، فيما دعا والد الجندي، ألمانيا، إلى قطْع المساعدات عن غزة حتّى عودة الجنود الإسرائيليين، مشيراً إلى أن الحكومة الإسرائيلية لا تعمل على إعادة الجنود، وأن هناك فرصة لممارسة ضغوط دولية على «حماس» من برلين والقاهرة.
وتأكيداً على موقف حركة «حماس» بخصوص صفقة التبادل، قال الناطق باسم الحركة، حازم قاسم، لمناسبة الذكرى العاشرة لتنفيذ صفقة «وفاء الأحرار» عام 2011، إن «حكومة الاحتلال تتلاعب بمشاعر أهالي الجنود الذين لن يروا أبناءهم إلّا بعد الاستجابة لشروط المقاومة». وفي الإطار ذاته، كشف رئيس هيئة البثّ الإذاعية السابق، يوني بن مناحيم، أن إسرائيل تنازلت عن شرطها ربط «إعادة تأهيل القطاع (غزة) بعودة الأسرى الأربعة»، وأن وفداً إسرائيلياً وصل، أخيراً، إلى القاهرة للاطلاع عن كثب على تطوّرات مباحثات حركة «حماس» مع المصريين حول ملف الجنود الأسرى، مشيراً إلى أن الانطباع الذي تمّ الحصول عليه، هو أن نفتالي بينت سيعقد صفقة مع «حماس» أسوأ بكثير من صفقة جلعاد شاليط التي أبرمتها حكومة بنيامين نتنياهو.