غزة | بعد أربعة أشهر من معركة «سيف القدس» في أيار الماضي، عادت الحرب الأمنية بين المقاومة الفلسطينية وأجهزة استخبارات الاحتلال لتَستعِر من جديد، إثر كشْف الأجهزة الأمنية التابعة للمقاومة معدّات تجسّسية خطيرة زرعها العدو في قطاع غزة مؤخراً، توازياً مع تكثيف جهوده لتكوين بنك أهداف جديد في القطاع. وبحسب مصدر أمني تحدّث إلى «الأخبار»، فقد وجّهت أجهزة أمن المقاومة عدداً من الضربات إلى استخبارات الاحتلال خلال الفترة الأخيرة، تَمثّلت في كشْف أجهزة تجسّس صوتية وتصوير كانت ترصد عدداً من الأماكن داخل غزة، بالإضافة إلى أجهزة أخرى حاول العدو زرعها على شبكة الاتصالات الأرضية للمقاومة. ويلفت المصدر إلى أن التدابير الأمنية الفلسطينية المشدّدة على طول حدود القطاع وعلى المعابر مع دولة الاحتلال، ألجأت السلطات الإسرائيلية إلى العمل على إدخال أجهزة صغيرة الحجم إلى غزة عبر الطائرات المسيّرة، لتتمّ زراعتها من خلال عملاء محليين في أماكن ومراكز قيادية، مضيفاً أن هناك تطورّاً وزيادة كبيرة في تلك المحاولات. لكن المصدر يؤكد أن أجهزة أمن المقاومة استطاعت خلال الفترة الأخيرة، إحباط جزء كبير من هذه الجهود التقنية التي بذلها الاحتلال، وهو ما يأتي استكمالاً لتفكيك منظومات تجسّسية جرى زرعها خلال السنوات الماضية.وبعد معركة «سيف القدس»، بدا واضحاً لدى الأجهزة الأمنية التابعة للمقاومة، سعْي دولة الاحتلال إلى جمع معلومات جديدة حول أسلحة الفصائل وخاصة الصواريخ والأنفاق، وتكوين بنك أهداف حديث داخل قطاع غزة للعمل على أساسه في أيّ حرب أو مواجهة مقبلة. وبالتزامن مع المباحثات التي جرت في القاهرة خلال الفترة الأخيرة، كثّفت سلطات العدو بحسب المصدر نفسه جهودها الهادفة للوصول إلى معلومات حول مصير الجنود الأسرى لدى المقاومة، لتُقلّل من الثمن المطلوب منها دفعه في أيّ صفقة تبادل، وتتفادى تكرار سيناريو صفقة «وفاء الأحرار» عام 2011، عندما أفرج الاحتلال عن 24 أسيرة مقابل فيديو مسجّل للجندي جلعاد شاليط. لكن المقاومة أحبطت بالفعل عدداً من محاولات تقصّي المعلومات حول الجنود الأربعة باستخدام وسائل بشرية وتقنية، فيما لا تزال تحتفظ بسرّ هؤلاء وترفض تقديم معلومات حولهم قبل الإفراج عن الأسرى المُعاد اعتقالهم بعد تحريرهم عام 2011. ويتوافق حديث المصدر مع تصريحات عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» زاهر جبارين، الذي أعلن أن دولة الاحتلال تحاول الوصول إلى معلومات حول جنودها في غزة من دون الاضطرار لدفع أيّ ثمن.
إحباط جزء كبير من جهود الاحتلال الأمنية داخل غزة خلال السنوات الأخيرة لا يعني انتهاء خطرها


وكانت المقاومة الفلسطينية كشفت خلال السنوات الماضية، عدداً من أجهزة التجسّس التي حاول الاحتلال زراعتها على منظومة الاتصالات الخاصة بها، بما فيها أضخم منظومة أدّى كشفها في أيار 2018 إلى استشهاد 6 عناصر من الجناح العسكري لحركة «حماس»، «كتائب القسام». وفي العام الذي يليه، كشفت المقاومة قوة إسرائيلية خاصة من وحدة «سيريت متكال»، كانت تؤدي مهامّ داخل قطاع غزة، بما فيها زراعة أجهزة تجسّس على شبكة الاتصالات الفلسطينية، ما أدّى إلى مقتل قائد الوحدة وانسحاب عناصرها تحت غطاء من طيران الاحتلال، فيما كشفت المقاومة أنها حصلت على كنز أمني بعد هذه الحادثة. وسبق ذلك كشْف شحنة أحذية عسكرية مزوّدة بشرائح إلكترونية للتعقّب والتجسّس، حاول العدو إدخالها إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم، وكان يَعتقد أنها ستباع في أسواق غزة وسيصل بعضها إلى الفصائل. وبحسب المصدر الأمني، فإن إحباط جزء كبير من جهود الاحتلال الأمنية داخل غزة خلال السنوات الأخيرة لا يعني انتهاء خطرها، أو توقّف العدو عن تكرار مثل هذه المحاولات، على رغم أن المقاومة شدّدت من إجراءاتها، وعملت على تصعيب المهمة أمام العدو وعملائه على الأرض، إلى أبعد مدى ممكن.