القاهرة | يواجه الثوار من الشباب المصريين خيارات صعبة أقلها احتمالاً السجن، وذلك بعدما كانوا هم شعلة «25 يناير» التي انطلقوا بها عبر العالم الافتراضي والمواقع الاجتماعية ليحولوها بدمائهم وجهودهم إلى حقيقة في ميادين العاصمة، وها هم اليوم يواجهون انقلاب «الثورة» عليهم وسجنهم باسمها أيضاً.
وآخر الأحكام بحقهم جاءت حين قررت محكمة جنح سيدي جابر في الإسكندرية تأييد الحبس لمدة عامين مع غرامة بـ50 ألف جنيه على الناشطة ماهينور المصري لـ«مخالفتها قانون التظاهر، والتظاهر دون تصريح، والتعدي على قوات الأمن أثناء نظر قضية خالد سعيد في كانون الأول الماضي»، وهو الحكم الذي رد عليه الناشطون أولياً بهتافات داخل قاعة المحكمة ضد «العسكر»، ما دفع قوات الأمن إلى إخلاء القاعة بالإجبار.
وماهينور فتاة عشرينية يسارية التوجه عرفت بلقب «فتاة تبشير الثورة»، وكانت كثيرة التنقل بين المحافظات وفي صدارة فعاليات الاحتجاج في التضامن مع حرية الناشطين وحقوق العمال وضد بطش الأمن الذي طاولها نهاية الأمر. وقد سبقها إلى السجن كثيرون من الشباب الثوريين في عهد المجلس العسكري ثم عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، ولا يزالون يواجهون الاعتقال في ظل قانون منع التظاهر.
ويقول أحد الذين حضروا المحاكمة إن القانون الذي تعامل به القاضي باطل «لأنه كتب قبل صدور الدستور الذي يجبّ ما قبله من تشريعات»، مطالباً بإصدار تشريعات جديدة تناسب الدستور الأخير.
وتفيد المادة الـ92 من الدستور الجديد بأن «الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصاً، ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمسّ أصلها وجوهرها»، كما ذكر المتحدث الإعلامي لحركة شباب 6 أبريل شريف الروبي.

الحكم على
الناشطة ماهينور المصري بالسجن عامين وغرامة 50 ألف جنيه

كذلك أصدرت محكمة «جنح مستأنف» في الإسكندرية حكماً ضد 6 ناشطين آخرين بتهمة «خرق قانون التظاهر» بعد القبض عليهم أثناء مظاهرة أمام محكمة جنايات الإسكندرية نهاية العام الماضي بالتزامن مع إحدى جلسات قضية خالد سعيد، ثم جرى تأييد الحكم في 16 شباط الماضي.
كل تلك الإجراءات تنذر بالقضاء على شعارات ثورة يناير «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية»، وتؤكد أن ما حدث في «٣٠ يونيو» استغل ضد جماعة الإخوان المسلمون المحظورة بدلالة عودة السجن المتتالي بحق الشباب الثوريين. ويتهم هؤلاء الشباب المجلس العسكري الذي قاد البلاد عقب تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك في ٢٠١١ بأنه عقد صفقات مع القوى السياسية وجمع بعضها في صفه ضد الشباب الثوريين، ثم سعى إلى شق هذا الصف ليحافظ على قوته. ويستدلون على اتهامهم بأن «سجون مصر اكتظت في الآونة الأخيرة بجميع أجنحة الثورة التي كانت يداً واحدة من قبل، ثم جمعهم في سجن واحد بتهم مختلفة كالإرهاب لجهة جماعة الإخوان، وخرق قانون التظاهر الذي سجن على أساسه رموز الثورة المتعارف عليها إعلامياً، أما تهمة إتلاف المنشآت العامة فكانت من نصيب الصفوف الخلفية للثورة».
ويقول شريف الروبي، تعليقاً على هذا الوضع بعد حظر حركته: «الثورة وشبابها مقموعون في عهد كل نظام لا يؤمن بكرامة شعب مصر وحريته»، مؤكداً أنهم يقفون ضد نتائج المرحلة الحالية. ويضيف المتحدث الإعلامي لـ«شباب 6 أبريل» التي سجن مؤسسوها الأوائل أن «مطلب معسكر الثوار الرئيسي لتحقيق أهداف الثورة كان ولا يزال تولي رئيس مدني وحكومة مدنية إدارة البلاد»، مشيراً إلى أنهم لم يتوافقوا يوماً مع المشير عبد الفتاح السيسي الذي كان حاضراً في عهد «الإخوان».
أما عن طبيعة الوضع مع أي نظام جديد، فأكد أن خندق الثورة سيظل مستمراً ضد عودة دولة حسني مبارك بجميع صورها، أكانت إخوانية أم عسكرية أم سلفية أم أمنية، «وما سجن الناشطة ماهينور إلا دليل على بقاء النظام القديم بطريقة أو أخرى»، موضحاً أن الخطوات المقبلة لهم مرهونة بتفاصيل الوضع الجديد، «ثم سيتفق على آليات للعمل والتواصل مع الشارع اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً».