غزة | في ظلّ تأجيل الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية إلى الربع الأول من العام المقبل، أمَر رئيس السلطة، محمود عباس، بإجراء انتخابات محلية (بلديات) بشكل جزئي في الضفة وقطاع غزة، في محاولة للهروب من الضغوط الممارَسة عليه. وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر «فتحاوية»، فإن خطوة عباس تمثّل استجابة لتوصية قُدّمت إليه بضرورة تجديد شرعية سلطته في وقت قريب، لتجاوز محاولات تهميشها إقليمياً ودولياً تحت ذريعة عدم إجراء انتخابات، واستحصال دعم دولي وأوروبي للبلديات ومشاريعها، خاصة بعد رفض الأوروبيين تسييل هذا الدعم حالياً نظراً لمخالفته القوانين الأوروبية. وعلى رغم أن عباس لا يزال يتحفّظ على إجراء الانتخابات راهناً في ضوء استطلاعات الرأي التي تعطي جناحه في حركة «فتح» نسب تأييد متدنّية في الشارع الفلسطيني مقابل حركة «حماس» والفصائل الأخرى، إلّا أنه سيسعى إلى إضفاء شرعية، ولو جزئية، على سلطته، بإعلان الانتخابات قبل توجيهه خطاباً في الأمم المتحدة في الـ27 من الشهر الجاري. وكان ممثّل الاتحاد الأوروبي في فلسطين، شادي عثمان، أوضح في تصريحات صحافية أن إحجام الاتحاد عن تقديم مساعدات للسلطة تحت بند «مخصّصات الشؤون الاجتماعية»، مردّه إجراءات فنّية متعلّقة بالتكتّل، مبيّناً أنه لا يمكن للأخير توفير تلك المساعدات قبل نهاية العام، مستدركاً أن ذلك لا يعني تغييراً في السياسة الأوروبية تجاه السلطة الفلسطينية، وتحديداً لناحية دفع جزء من رواتب موظّفيها على الأقلّ.
تُظهر أحدث الاستطلاعات تراجع شعبية حركة «فتح» والرئيس عباس في الأراضي الفلسطينية

وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية، في 14 أيلول الحالي، تسلّمها قرار مجلس الوزراء الذي حدّد يوم 11 كانون الأول المقبل، موعداً لعقد المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية التي تشمل المجالس القروية والمجالس البلدية المصنّفة «ج» (القرى الصغيرة) في الضفة الغربية وقطاع غزة ومناطق عديدة من محافظة القدس. في المقابل، رفضت الفصائل الفلسطينية، بما فيها «حماس»، ذلك الإعلان، معتبرة أنه يعكس استخفاف «أبو مازن» بالشعب الفلسطيني والعملية الانتخابية. ورأت «حماس»، على لسان الناطق باسمها حازم قاسم، أن «ما يجري مناورة سياسية تخدم حركة فتح»، متوقّعة تراجُع رئيس السلطة عن إجراء الانتخابات خوفاً من الخسارة، تماماً كما حدث في الانتخابات التشريعية التي كان من المقرّر إجراؤها في أيار الماضي، ولكن عباس عاد وأعلن تأجيلها بعدما أشارت استطلاعات الرأي إلى خسارة مدوّية لحركة «فتح» فيها، إن أُجريت. ودعت «حماس» إلى الإعلان عن جدول زمني لإجراء انتخابات المجلسَين الوطني والتشريعي والرئاسة والاتحادات الطلابية والنقابية، مؤكدة استعدادها للمشاركة في انتخابات شاملة وفق هذا الجدول الزمني. من جهتها، جدّدت حركة «الجهاد الإسلامي» موقفها السابق الرافض للانتخابات من دون التوافق على برنامج سياسي واضح ومحدّد، «يستند إلى مواجهة الاحتلال ووقف تغوّله على شعبنا وأرضنا ومقدّساتنا».
في هذا الوقت، أظهر استطلاع أخير أجراه «المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية» تراجعاً في شعبية حركة «فتح» والرئيس عباس في الأراضي الفلسطينية، إذ طالب حوالى 80% من المستهدفين باستقالة «أبو مازن» من منصبه، علماً أن الفترة السابقة للاستطلاع شهدت مجموعة من التطوّرات كان أهمّها مقتل الناشط السياسي، نزار بنات، بعد اعتقاله وضربه من قِبَل أجهزة الأمن الفلسطينية، وقيام تظاهرات شعبية واسعة مناهضة للسلطة على خلفية ذلك الحادث، وتحرّر ستّة أسرى فلسطينيين من سجن جلبوع. ووفق النتائج، فإن 63% من الجمهور اعتبروا مقتل بنات عملاً مقصوداً من القيادة السياسية أو الأمنية الفلسطينية، فيما عدّته نسبة 22% فقط خطأً فردياً غير مقصود. وبحسب المركز نفسه، فإنه لو جرت انتخابات رئاسية أو تشريعية اليوم، فإن نتائجها ستكون لصالح حركة «حماس» وضدّ حركة «فتح»، وخاصة في ما يتعلّق بالانتخابات الرئاسية، في حالة كان مرشّح «فتح» هو عباس.