القاهرة | أنهى رئيس الوزراء الليبي، عبد الحميد الدبيبة، زيارة إلى القاهرة استمّرت يومين، ترأّس خلالها وفد بلاده في اجتماعات اللجنة المصرية - الليبية العليا، التي انعقدت في مصر بعد توقّف دام سنوات. وإذ تبدو هذه الزيارة اعتيادية، إلّا أن توقيتها والأجواء المصاحبة لها عكسا جزءاً من التفاهمات المسبقة التي جرى التوافق عليها، سواءً بين الأطراف الليبية، عقب زيارة مشتركة للواء المتقاعد خليفة حفتر، ورئيس البرلمان عقيلة صالح، إلى مصر، أو حتّى مع تركيا، بالاتفاق على عدم اعتراض أيّ من البلدَين على تنفيذ أحدهما مشاريع مشتركة مع الحكومة الليبية.وعلى رغم ضخامة ما حاول الجانبان المصري والليبي ترويجه من قيمة مبدئية لمذكّرات التفاهم والاتفاقيات الموقّعة، وصلت إلى مليارات الدولارات، لكنّ الواقع يبدو مختلفاً، خصوصاً أن العقود التنفيذية التي جرى توقيعها هي ستة فقط، في مقابل 14 مذكّرة تفاهم غير ملزمة للطرفَين. ويأتي ذلك التزاماً بعدم قدرة الحكومة الليبية الحالية - التي تعتبر مؤقّتة وفق مخرجات جنيف - على توقيع اتفاقيات طويلة الأمد تتخطّى مدّة بقائها في السلطة، التي يُفترض أن تنتهي بحلول 24 كانون الأول المقبل، موعد إجراء الانتخابات الجديدة.
واقتصرت العقود التنفيذية على أساسيات حياتية، من بينها مشاريع خاصّة بالكهرباء والمياه وتطوير الطرق. ومن بين الاتفاقيات أيضاً، تلك التي جرى توقيعها مع شركات مصرية خاصّة، يُفترض أن تبدأ العمل على تنفيذها على الفور، مع توفير الاعتمادات المالية اللازمة لها. أمّا مذكّرات التفاهم، فقد جرى التوصّل إليها بين جهات متعدّدة في البلدين، من دون وجود رؤية لتفعيلها على أرض الواقع، لا سيما ما يتعلّق منها بمجالات الإسكان والتشييد، والشؤون الاجتماعية، والجانب الإداري.
تأمل الحكومة المصرية في توقيع مزيد من الاتفاقيات مع الجانب الليبي


وبدا واضحاً أن التفاهمات المصرية - التركية بشأن الاستثمار في ليبيا، انعكست في سرعة توقيع الاتفاقيات، في الأسبوع التالي للمباحثات الاستكشافية التي جرت في أنقرة، في وقت يتواصل التنسيق بين الطرفين بشأن تسوية بقية الخلافات. ويأتي ذلك بينما لا يزال الشق الأمني يشكّل العائق الأكبر أمام تنافس البلدين على تدريب القوات العسكرية الليبية وتأهيلها، على الرغم من فشل الليبيين في توحيد مؤسّساتهم العسكرية حتى الآن.
وتأمل الحكومة المصرية في توقيع مزيد من الاتفاقيات - التنفيذية - مع الحكومة الجديدة، خصوصاً أن هناك العديد من المجالات التي يمكن للقاهرة أن توفّر احتياجات الليبيين من خلالها، وفي مقدّمتها عمليات البناء التي يرغب الجيش في تنفيذ مشاريع كبرى فيها، فضلاً عن بناء وتأهيل الطرق التي دمّرتها الحرب، خلال السنوات الماضية. وبدوره، يسعى الدبيبة إلى إجراء مصالحة خارجية مع مختلف الأطراف، لا سيما دول الجوار. وفي هذا الاتجاه، بدأت الحركة على الحدود بين ليبيا وتونس بالعودة إلى طبيعتها، عقب إغلاق دام شهرَين، بينما يُتوقّع استئناف رحلات الطيران المباشر مع مصر، خلال الأيام القليلة المقبلة.
وفي الوقت الذي تسود فيه حالة من الترقّب للموقف الأوروبي من العراقيل التي لا تزال تعترض إجراء الانتخابات، في ظلّ الانقسام الواضح بين إيطاليا وفرنسا، سيُعقد اجتماع بشأن ليبيا، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الشهر الجاري، بمشاركة أطراف عدّة، وذلك بعدما انتقدت خمس دول غربية تأخُّر إقرار القوانين المنظّمة للانتخابات.