تونس | في ظل انشغال التونسيين بتداعيات الوضع الأمني في ليبيا، أطلق سراح مدير الأمن الرئاسي في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، الجنرال علي السرياطي، وذلك بعد ثلاث سنوات استوفى فيها العقوبة التي أقرتها المحكمة العسكرية ضده. وبالإفراج عن السرياطي، تصبح غالبية أركان نظام بن علي أحراراً بعد أن غادر معظم الوزراء الذين كانوا مقربين منه السجون، وعلى رأسهم وزير الداخلية رفيق الحاج قاسم ومعظم قادة الأمن من كبار الضباط المتهمين بإصدار تعليمات بإطلاق الرصاص على المتظاهرين.
ويتوقع أن يكون لخروج السرياطي انعكاسات على الحياة السياسية بعد الجدل الذي أثاره الحقوقيون على خلفية نفي تهمة القتل عنه وعن بقية الضباط ووزير الداخلية، ولا سيما أنهم يقولون إن الجنرال الذي يحظى بوزن كبير في المؤسستين الأمنية والعسكرية هو الصندوق الأسود لما يعرف بـ«١٤ يناير» التي بدأت الشكوك حولها تتفاقم من شهر إلى آخر، حتى حد الشك في كونها تصفية حسابات بين أركان نظام بن علي أدت إلى إنهاء حكمه.
بالتوازي مع إطلاق سراح الوزراء وضباط الأمن من عهد النظام السابق، يظهر أن أنصار بن علي بدأوا يعودون بقوة إلى المشهد السياسي والإعلامي، فهم صعّدوا حملتهم ضد هيئة الحقيقة والكرامة التي أقرها المجلس الوطني التأسيسي والخاصة بمساءلة ومحاسبة أركان نظامي بورقيبة وبن علي من تاريخ حزيران ١٩٥٥ حتى يوم ١٤ كانون الثاني ٢٠١١ حين سقط حكم الحزب الحر الدستوري ووريثه التجمع الدستوري الديموقراطي.
ويبني هؤلاء حملتهم على أن التنصيص على اختيار الأول من حزيران 1955 «يخفي دلالة للثأر والانتقام من بناة الدولة الوطنية»، ويشككون في صدقية عضو الهيئة والمرشحة لرئاستها سهام بن سدرين، وذلك على خلفية تورطها في الحرب على العراق واتهامها بالفساد المالي عبر بعض الجمعيات الحقوقية، إضافة إلى كشفهم أنها لم توفّ التزاماتها تجاه العاملين معها في «راديو كلمة». كذلك أفادت مصادر لـ«الأخبار» بأن عدداً من المحسوبين على النظام السابق يرفضون دستورية هذه الهيئة بدعوى أنها «لا تخضع لمعايير العدالة الانتقالية»، كما يقولون.
بعيداً عن ذلك، لا يكاد الحديث في الشارع يخلو من تداعيات الانهيار الأمني في ليبيا والخوف من تداعياته على الوضع التونسي الهش أمنياً واقتصادياً، إلى جانب الخشية من امتداد الاقتتال بين الفصائل الليبية إلى مدينة طرابلس القريبة من الحدود، ما قد يترتب عنه لجوء آلاف الليبيين إلى البلاد ليضافوا إلى نحو مليون ونصف مليون ليبي يعيشون في تونس، بعضهم جاؤوا قبل انهيار النظام هناك.
كذلك يخشى التونسيون تسلل مجموعات مسلحة يحتمون في ليبيا عبر الشريط الصحراوي في محافظات تطاوين وقبلي ومدنين..
إلى ذلك، أعلن وزير الداخلية لطفي بن جدو أن قوات الحرس تنسق مع القوات المسلحة لحماية الحدود التونسية من أي اختراق، وعلمت «الأخبار» أن هناك تنسيقاً آخر كبيراً على المستوى الأمني والعسكري مع الجزائر من أجل بناء منظومة مشتركة لحماية الحدود، وخاصة أن ليبيا أصبحت تشكل أرقاً حقيقياً لبلدان الجوار، وفق مصادر مسؤولة.