كشفت صحيفة «إسرائيل اليوم» عن أن الأمم المتحدة ستناقش اليوم في مقرها في نيويورك مشروعاً إسرائيلياً يطالب بإجراء إصلاحات في تعريف دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، بعدما بادرت إلى هذا النقاش جمعية المحامين الأميركيين ورجال قانون يهود، في مسعى إلى تغيير تعريف اللاجئ الفلسطيني.
وتزعم هذه الأوساط أن «الأونروا تكرس وقتها لمنع إعادة توطين اللاجئين، فيما تعمل تنظيمات الغوث الأخرى على توطينهم». كذلك يحتج هؤلاء على تعريف اللاجئ بادعاء أنه «فقط من هرب من بلاده في مقابل أن الأونروا تصنف أبناءهم وأحفادهم لاجئين أيضاً، وبذلك فهي ضخمت عدد اللاجئين الفلسطينيين».
في هذا السياق، ترى عضو الكنيست سابقاً عينات وولف، التي حرضت على إثارة الموضوع، أنه «لا مبرر لاعتبار الأجيال الثالثة والرابعة والخامسة من أحفاد اللاجئين ممن ولد في غزة وغيرها لاجئاً». وساندتها في ادعائها رئيسة الجمعية الدولية للمحامين ورجال القانون اليهود عيريت كاهان، التي اتهمت «الأونروا» بأنها ترسخ مشكلة اللجوء ولا تتيح حلها. وزعمت كاهان أنه «لو تم صرف الأموال التي حولت إلى وكالة الغوث كما يجب، لكان الوضع أفضل اليوم!».
يذكر أن قضية اللاجئين تختص بمصير من هجر من فلسطين المحتلة خلال حرب 1948 وبعدها إلى قطاع غزة والضفة المحتلة ودول عربية مجاورة، وكذلك الذين أصبحوا لاجئين في مكان سكنهم في الضفة وغزة خلال حرب 1967 وأحفادهم أيضاً، ومنعتهم إسرائيل من العودة إلى منازلهم بعد انتهاء الحرب. ويعيش غالبية هؤلاء اللاجئين وأحفادهم اليوم داخل مخيّمات في مدن وقرى غزة والضفة والقدس والأردن، ولبنان، وسوريا، ودول أخرى. وترفض الدول العربية توطين اللاجئين في أراضيها خوفاً - كما تقول - من أن تفسر هذه الخطوة على أنها قبول بوجود إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يُضعف الصراع ضدّها، كما أنه يعني تخلي الفلسطينيين عن مطالبتهم بالعودة إلى أراضيهم المحتلة.
وخلافاً لبقية اللاجئين في العالم الذين تُعنى بهم المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، فإن الفلسطينيين تُعنى بهم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين المتعارف عليها باسم الأونروا (UNRWA). وجه الاعتراض الذي تناور عبره المؤسسات الإسرائيلية في ظل صمت عربي إعلامي يبدأ من أن تعريف مصطلح «لاجئ» وفق الأونروا يشمل الفلسطينيين المهجرين وأحفادهم وأزواجهم، ويرى معدو الاعتراض أن هؤلاء هم الوحيدون في العالم الذين يحق لهم الحصول على مكانة لاجئ، «كما لا يستثني التعريف السابق أولئك الذين حصلوا على الجنسية في مكان سكنهم الجديد أو الذين ارتكبوا عمليات ضد إسرائيل أو حتى عملوا ضد أهداف الأمم المتحدة، وهي شروط من شأنها إلغاء حق الحصول على مكانة لاجئ»، وفق ادعائهم.
كذلك تشير المجموعة الأميركية والإسرائيلية المذكورة إلى أن التفويض الذي حصلت عليه الأونروا خلافاً لتفويض المفوضية «لا يشمل العمل على إعادة الفلسطينيين إلى المكان الذي هاجروا منه»، في إشارة إلى الدور الخدماتي فحسب لضمان تحييد الأمم المتحدة عن معارضة المشروع الجديد.
ومن المتوقع وفق وسائل إعلام أن تصدّق الأمم المتحدة في حزيران المقبل على تمديد التفويض للأونروا التي تصل ميزانيتها في عامين إلى 1.9 مليار دولار. لكن ما يجري الحديث عنه خلال حدث اليوم الذي يشارك فيه دبلوماسيون ومسؤولون من الأمم المتحدة وممثلون عن المنظمات غير الحكومية «المناشدة الإسرائيلية ـ الأميركية بإجراء إصلاحات وتعديلات على تعريف اللاجئ الفلسطيني». وعلقت رئيسة المنظمة اليهودية الدوليّة التي تضم محامين وخبراء في الشؤون القضائية للصحافة الإسرائيلية عيريت كاهان، بالقول: «مهمة الأونروا تقديم المساعدة الإنسانية إلى اللاجئين، لكنها تنحرف عن أهدافها علما أنه تحول مبالغ طائلة ضمن المساعدات»، مضيفة: «الوكالة تخلد مسألة اللاجئين دون البحث عن أي حل».
وكانت قضية اللاجئين خلال المفاوضات الأخيرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية من بين المسائل المركزية التي ناقشها الجانبان، لكن الإسرائيليين ركزوا على ما صرح به الرئيس الفلسطيني محمود عباس حين وصف حق العودة بأنه «حق شخصي»، أي إنّ لكل شخص الحق في أن يقرر بنفسه هل يريد التنازل عن حق العودة أو يصر عليه. ويقول مسؤولون أمنيون إسرائيليون إن تملص «أبو مازن» من حل قضية اللاجئين خطير على إسرائيل، فهو - وفق قولهم - فتح المجال لحساب منفرد مع كل فلسطيني». ويضيف المسؤولون أن عودة اللاجئين إلى حدود الدولة الفلسطينية التي يطالب بها عباس دون رقابة ستولد مشكلة كبيرة، «إذ ستمتلئ الدولة بأعداد كبيرة من اللاجئين الذين سيشكلون حملاً ثقيلاً على الاقتصاد، ما قد يؤدي إلى انهياره أو حتى سيطرة حماس ديموقراطياً على الحكم بعد تغير التشكيلة السياسية الداخلية».