صنعاء | بعد مرور نحو اسبوعين على بدء الحملة العسكرية لاجتثاث تنظيم «القاعدة» من معاقله في جنوب اليمن، تشهد البلاد موجة دعم شعبي للجيش، في وقت تقف فيه جهات إسلامية ضد الحملة تحت «ذرائع» عدة، لا تخفي تعاطفاً مع التنظيم المتطرف. تبدو المواجهة التي يخوضها الجيش اليمني ضد «القاعدة» مختلفة هذه المرة على أكثر من صعيد. فبخلاف المواجهات السابقة بين الجيش والتنظيم، تظهر رغبة جادة في أن تكون هذه الجولة هي الأخيرة.
وعلى الرغم من أن الانقسام لا يزال ظاهراً في صفوف الجيش، تبدو القيادات الموالية للرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي حريصة على حصر الأطراف المشاركة في الحملة العسكرية على معاقل القاعدة بالأركان «الواثقة» بولائها لها والتزامها تحقيق هدف العملية الذي ينطوي على «تنظيف الأراضي اليمنية كافة من العناصر الجهادية». لهذا السبب، يرى يمنيون أنها «المرة الأولى التي يخوض جيشهم فيها حرباً حقيقية من أجلهم». ولم يكن غريباً في هذا الإطار، بروز أسماء عسكرية بعينها تدير المعركة الأخيرة في منطقة شبوة الجنوبية وصار يطلق الشعب عليهم لقب الأبطال. يعود هذا التحول في نظرة الشعب نحو الجيش إلى اعتقاد اليمنيين بأن القادة العسكريين يولون «مصلحة وطنهم» الأولوية بعيداً من الانقسامات السابقة في صفوفه بين موالين للرئيس السابق صالح وآخرين موالين للواء علي الأحمر، حين كانا يتخذان من الحروب وسيلة لتصفية حسابات قديمة بينهما، إضافة إلى استخدام «القاعدة» كورقة ضغط على الدول الغربية المانحة.
لكن بالتزامن مع الدعم الشعبي لحملة الجيش لاجتثاث «القاعدة» من البلاد، ارتفعت أصوات محلية مناهضة لهذه الحرب. وسط هذه الأصوات، برز اللواء علي الأحمر الذي كان قد أعلن انشقاقه سابقاً عن جبهة علي عبد الله صالح، منضماً إلى صفوف الثورة. أما الآن، فهو أصبح واحداً من المناهضين لقرارات الرئيس الانتقالي منصور هادي، وخصوصاً القرارات التي تمسّ مصالح حزب «التجمع اليمني للإصلاح» (الفرع اليمني للإخوان المسلمين). وتجمع الأحمر بالحزب علاقات عقائدية وطيدة تعود إلى «الدور الجهادي» في أفغانستان، حيث جُنِّد شباب يمنيون في فترة «الجهاد ضد المدّ الشيوعي».
وفي هذا السياق برزت حملة إعلامية للتنديد بحملة الجيش، تصدرتها صحف مدعومة من الأحمر مثل صحيفة «أخبار اليوم» التي تنشر يومياً بيانات وتقارير تنتقد الحرب لجهة «التوقيت الخاطئ»، إذ بحسب الصحيفة «يشهد الاقتصاد المحلي حالياً ترهلاً واضحاً»، وهناك «إشارات صريحة بقرب الاقتصاد من هاوية وشيكة».
من جهته، لم يدّخر حزب «التجمع اليمني للإصلاح» جهداً في التطرق إلى «خطورة المواجهات الدائرة بين الجيش والقاعدة»، وذلك من طريق إعلامه الخاص، وبواسطة شخصياته البارزة ذات الشعبية البارزة في أوساط الفقراء، مثل الشيخ الأصولي عبد المجيد الزنداني الذي يشغل رئاسة جامعة الإيمان المتطرفة التي تخرج منها عدد من العناصر التي تورطت في تفجيرات انتحارية.
في وقتٍ جاءت فيه أنباء عن تأسيس رجل الدين الزنداني لما سماه «هيئة المناصحة» وهي نسخة يمنية من «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» السعودية. وهدف الهيئة تقديم نصائح للرئيس الانتقالي عن «خطورة الحرب ضد القاعدة» وضرورة «إجراء حوار مع عناصر التنظيم ودعوتهم لترك السلاح».
من جهته أصدر رجل الدين البارز عبد الوهاب الديلمي الأسبوع الماضي بياناً أكد فيه أن هذه الحرب المُدارة ضد «القاعدة» حرب «عبثية» في توقيتها، إضافة إلى كونها «تثقل ظهر الاقتصاد المحلي».
ومن آراء «إخوان اليمن» في مسألة الحملة أيضاً، جاءت أصوات إعلامية بارزة من كوادر هذا الحزب، لكنها ظهرت كأصوات مستقلة تعبّر عن رأيها الخاص كمحاولة لتخفيف الحمل الواقع على قيادة «الإصلاح». تلك الأصوات جاءت منادية بضرورة «النظر بعين واحدة إلى كافة الأطراف المسلحة في الساحة اليمنية». والغرض من هذا الطلب هو توجيه الأنظار نحو جماعة الحوثي في شمال اليمن. وهذا الرأي يعكس أيضاً الاختلافات الكبيرة بين جماعة الحوثي وحزب «التجمع اليمني للإصلاح» ومن خلفهم اللواء علي الأحمر، كان آخرها المعارك التي وقعت في صعدة بين الحوثيين وجماعات سلفية قيل إن الأحمر وقيادات الإصلاح كانا خلفها.
إلى ذلك، لا يزال التوتر قائماً بين قبائل منطقة مأرب (شرق صنعاء) وبين قوات من الجيش اليمني، بعدما شاع عن عملية قتل الشيخ الشبواني، وهو واحد من كبار الشيوخ التابعين لمأرب. العملية التي وقعت في جوار القصر الرئاسي في صنعاء الأسبوع الماضي، وقعت نتيجة بلاغ كاذب أشار إلى أن الشيخ هو واحد من قياديي «القاعدة» في المنطقة.