الخرطوم | مثل زعيم حزب الأمة القومي «المعارض» الصادق المهدي، أمس، أمام نيابة أمن الدولة في الخرطوم، من أجل التحقيق في الشكوى التي تقدم بها جهاز الأمن والمخابرات السوداني ضده.واستجوبت النيابة، المهدي، على خلفية شكوى تقدم بها جهاز الأمن السوداني بعدما اتهم المهدي قوات الدعم السريع التابعة للأمن بارتكاب جرائم واغتصاب. وطالبها بفتح تحقيق حول الانتهاكات التي ارتكبتها ضد المواطنين في ولايات الغرب السوداني (دارفور وكردفان) الأمر الذي اعتبره الجهاز انتقاصاً لهيبة الدولة، وتهديداً للسلام العام، وتأليب المجتمع الدولي ضد البلاد.

التحقيق مع الزعيم التاريخي ورئيس الوزراء الأسبق شكل مفاجأة كبرى لأسرته ولمؤيديه، فقد احتشد المئات أمام مقر النيابة، رافعين السيوف والحراب وأعلام الحزب في إشارة إلى افتدائهم زعيمهم بالأرواح. وقالت ابنته القيادية في حزب الأمة القومي، مريم الصادق المهدي، في تصريح للصحافيين إن: «الحديث عن الحراك الجماهيري كعامل لتحريك الحل السياسي هو الأساس في هذا الأمر، ونحن لم نتوقع يوماً من نظام تميز بالشمولية منذ يومه الأول أن يسلم السلطة للشعب، وبالتالي فإن الحوار يجب أن يقوم على رؤية واضحة وفي وجود أجندة للتحاور حولها، يفضي الى كشف الفساد لإحداث تغيير في النظام». وهتف أنصار الصادق المهدي أمام النيابة بفساد قيادات الحزب الحاكم، وفي تصعيد غير مسبوق وصفوا الرئيس البشير بالفاسد أيضاً.
وتوافقت آراء زعماء الأحزاب السياسية الداعمة لقضية المهدي، ويأتي ذلك في وقت يبدو فيه أن مسألة الحوار قد نسفت قبل أن تبدأ.
المهدي كان
من أوائل من وافقوا على الحوار مع السلطة
وللمفارقة، كان حزب الأمة القومي من أول المباركين للحوار الوطني مع الحكومة، في خطوة أبعدته عن قوى المعارضة، إلا أن رئيس قوى الإجماع الوطني الرافض للحوار فاورق أبو عيسى قال أمس: «إن الحكومة تدّعي أن هنالك حريات واحتراماً للرأي والرأي الآخر، وتجري حواراً على هذا الأساس، وحينما يقول الناس رأيهم يتم القبض عليهم وتفتح بلاغات ضدهم، كيف يعقل ذلك؟». وأضاف إن هنالك «قلة حياء من البرلمان الذي يصف أحد زعماء المعارضة بأنه أتى بخيانة عظمى لمجرد أنه قال رأياً، وهو رأي كل الشعب والمجتمع الدولي، في ما يجري ويفعل بأهلنا في دارفور». كما وصف القيادي في حزب المؤتمر الشعبي كمال عمر توقيت الخطوة بغير الجيد، وقال في حديث إلى «الأخبار» إنه «لا يعقل أن تطرح شعار الحوار وتتحدث عن الحريات ونجري بعدها هذه الخطوة. وفي رأيي أنها تعطي إشارات غير جيدة لقضية الحوار»، مشيراً إلى أن «من حق المهدي أن يعبر عن رأيه، ومن حق الجهة التي فتحت البلاغ أن تنفيه».
واعتبر القيادي في الحزب الاتحادي الديموقراطي «الأصل»، علي السيد أن «الحكومة غير جادة في موضوع الحوار، وكان ذلك عن قناعة سابقة»، معتبراً «أن قضية المهدي أول مسمار في نعش الحوار». وفي ما يتعلق بالمسار القانوني للقضية، قال المحامي ساطع الحاج، العضو في هيئة الدفاع عن قضية المهدي: «أعتقد أننا جاهزون لإثبات صحة حديث موكلنا بنسبة مئة في المئة ونستطيع إثباته بشكل كامل، وبالتالي ننال البراءة». وأضاف الحاج لـ«الأخبار» إنه «في حال استطعنا إثبات ارتكاب الجرائم، فلا خيار سوى ذهاب مرتكبيها إلى محكمة الجنايات الدولية».
وأوضح أن النظام ومؤيديه «اختاروا توقيتاً غير مناسب من الناحية السياسية للاصطدام بالسيد الإمام، وما حدث يعطي مؤشرات سلبية تجاه الحوار ومدى جديته، وحرية التعبير عن الرأي، وكل شخص يقول رأياً يحدث له ما يحدث من تخويف وترهيب. وأعتقد أن هذا هو الوجه الحقيقي للنظام».