درعا | أنجزت الجهات المعنيّة بتنفيذ اتفاق درعا الجديد، جميع الإجراءات اللازمة لدخول القوى الأمنية والعسكرية السورية والشرطة العسكرية الروسية، برفقة وجهاء عشائر درعا وشيوخها، إلى أحياء درعا البلد، حيث يتمركز المسلّحون، الذين يحاولون، إعلامياً، التقليل من أهمّية الاتفاق. وفي المقابل، لم تتراجع الحشود العسكرية للقوات السورية في محيط مركز المدينة وفي الطرق الحيوية، حيث بقيت السواتر الترابية مرتفعة، والدشم العسكرية جاهزة، تحسّباً لنكثِ المجموعات المسلّحة عهودها في أيّ لحظة، وهو ما حصل مراراً. ويؤكد رئيس «لجنة المصالحة» في درعا، حسين الرفاعي، لـ«الأخبار»، أن «كلّ الخيارات مطروحة، بما فيها العمل العسكري ضدّ الفصائل المسلّحة إذا ما خُرق الاتفاق مجدداً»، مشيراً إلى أن «ما جرى في الاتفاق سينسحب على كلّ بلدات ومناطق الجنوب السوري، تمهيداً لاستعادة الدولة سيطرتها على تلك المناطق». ويأتي ذلك فيما لا تزال اللجنة الأمنية والعسكرية الحكومية تستشعر ارتياحاً، بالنظر إلى ما يملكه الجيش من أوراق قوة، أولاها السيطرة بالنار على كلّ مفاصل المنطقة، إضافة الى الدعم الروسي الكبير على طاولة المباحثات، وإصرار الأخير على تثبيت وقف إطلاق النار، وانتشار مؤسسات الدولة السورية المدنية والعسكرية في درعا، لضمان عودة آمنة للأهالي الذين نزحوا سابقاً، وهو ما كان يصرّح به الروس دائماً أثناء توزيع المساعدات في مراكز الإيواء المؤقّتة في المنطقة الجنوبية.وخيّم الصمت المطبق على أعضاء «اللجنة المركزية» المفاوِضة باسم المسلّحين، طيلة ساعات المفاوضات العصيبة التي جرت في الملعب البلدي على مدى يومين، وأفضت إلى التوصّل إلى الاتفاق الجديد. واكتفت اللجنة، أخيراً، ببيان مقتضب صادر عن الناطق باسمها، عدنان المسالمة، أكد فيه إبرام الاتفاق، مُوسّعاً أسماء المفاوضين ليشملوا وجهاء درعا البلد والعشائر و«الفيلق الخامس» الذي يتزعّم لواءه الثامن، أحمد العودة. وشدّد البيان على ضرورة كشف مصير المعتقلين، وإنشاء عدد قليل من النقاط الأمنية، متحدّثاً عن انسحاب مرتقب للجيش السوري من الأحياء التي دخلها بموجب الاتفاق الجديد، على أن يُكتَفى بتفعيل مخفر الشرطة في درعا البلد. أمّا زعماء المسلحين فلم يعلّقوا على مجريات الأحداث والمفاوضات، وذلك بعد نجاح الجيش في الدخول إلى أحياء المدينة برفقة عربات الشرطة العسكرية الروسية وعناصر من «اللواء الثامن ـــ تسوية»، إضافة إلى دخول جهازَي القضاء والأمن العسكريَّن إلى مركز التسوية المُنشأ حديثاً. وتعزو المصادر الأمنية المطّلعة على المفاوضات، تواجد «اللواء الثامن ـــ تسوية»، إلى أنه «سيتمّ الاعتماد عليه لاحقاً في الريفين الشرقي والغربي، حيث السطوة الكبيرة له»، على رغم عمل الأجهزة الحكومية على تحجيمه في المفاوضات.
شهد مركز التسوية إقبالاً كثيفاً أمس، للمطلوبين للخدمة العسكرية وبدرجة أقل للمسلحين الراغبين بتسوية أوضاعهم


وبموجب الاتفاق الجديد، تمّ تقسيم أحياء درعا إلى 3 قطاعاتٍ بعدد الأحياء التي يتحصّن فيها المسلحون. والبداية كانت من درعا البلد، عبر افتتاح مركز التسوية في حيّ الأربعين، والذي شهد إقبالاً كثيفاً صباح أمس، للمطلوبين للخدمة العسكرية، وبدرجة أقلّ للمسلحين الراغبين في تسوية أوضاعهم وتسليم أسلحتهم، بعدد إجمالي اقترب من 100 شخص عند الساعات الأولى للتنفيذ، وسط توقّعات بازدياد الأعداد خلال الأيام المقبلة. أمّا في شأن نوعية السلاح المُسلَّم، فتمّ توثيق تسليم عشرات البنادق الحربية المصنّفة سلاحاً فردياً، بينما غابت عربات «الدوشكا» والآليات الثقيلة التي تحدّثت الدولة السورية عنها مراراً. وينصّ الاتفاق على انسحاب المسلحين الرافضين للتسوية إلى حيّ المخيّم المجاور، مبدئياً، في انتظار الاتفاق على المراحل التالية. وبدورهما، يغيب القياديان البارزان في فصائل درعا، محمد المسالمة ومؤيد الحرفوش، عن المشهد. وتشير المصادر الأمنية، إلى أنهما «اتجها إلى حيَّي المخيم وطريق السدّ، حيث يأملان في كسب مزيد من الوقت، لتغيير الموازين قبل الصعود إلى الحافلات الخضراء باتجاه الشمال». ويؤكد قائد عسكري في المنطقة الجنوبية، لـ«الأخبار»، أن «كلّ درعا سترفع العلم السوري، وستنتهي مظاهر الفوضى المسلحة خلال بضعة أشهر، سلمياً أو عسكرياً»، مضيفاً أن «الحرفوش والمسالمة، ومعهما بضع مئات فقط من المسلحين، لن يتمكّنوا من الصمود في معاقلهم الجديدة، إذا ما دخل الجيش السوري بتعداد ضخم إلى درعا البلد (...) حينها لا بديل عن الحافلات الخضراء سوى التوجّه إلى الحدود الأردنية القديمة في موقع الرمثا، من دون ضمانات بألّا يطلق الجيش الأردني النار عليهم، تطبيقاً لقواعد الاشتباك في التعامل مع المسلحين والمهرّبين».