غزة | بعد أيامٍ من التوتر في قطاع غزة، تخلّلتها تهديدات متبادلة بين الفصائل الفلسطينية ودولة الاحتلال وأخرى غير معلَنة من الفصائل إلى مصر، وفعاليّات غضبٍ شعبية في المنطقة الحدودية، برزت أمس مؤشّرات إلى نجاح اتّصالات احتواء التوتّر، مع إعادة السلطات المصرية فتح معبر رفح البرّي، وإعلان العدو عن تسهيلات اقتصادية جديدة لصالح الغزّيين. وفي ظلّ انخفاض حدّة الاشتباكات على حدود غزة خلال المسيرة الغاضبة التي وصلت المنطقة الحدوديّة مساء أوّل من أمس، أعادت السلطات المصرية فتح معبر رفح لتسهيل عودة العالقين في الجانب المصري وإدخال البضائع، فيما أعلنت وزارة الداخلية الفلسطينية في غزة أن السلطات المصرية أبلغتها بعودة العمل الطبيعي على المعبر في كلا الاتجاهين اعتباراً من يوم الأحد المقبل. وتزامن الإعلان المصري مع إعلان إسرائيلي عن جملة تسهيلات جديدة لصالح القطاع. إذ قال مكتب المنسّق الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية إنه تَقرّر توسيع إدخال المعدّات والبضائع لمشاريع مدنية دولية، وزيادة حصة التّجار المسموح لهم بالسّفر بمقدار ألف تاجر إضافي، بالإضافة إلى المصادقة على استيراد سيارات جديدة، والسماح باستئناف تجارة الذهب بين غزة والضفة الغربية، مشيراً إلى أن هذه الخطوات والمزيد منها مشروطة بـ«الحفاظ على الاستقرار الأمني».
تتصاعد الانتقادات الداخلية لحكومة الاحتلال وجيشه على خلفية عجزهما عن فرْض معادلة ردع

في المقابل، ردّت حركة «حماس» على الإعلان الإسرائيلي بأن «أيّ تسهيلات لغزة ليست منّةً من أحد، وهي حقٌ مشروع ونتاج الضغط الشعبي المتواصل والإصرار على كسر الحصار»، مشدّدة على لسان الناطق باسمها، عبد اللطيف القانوع، على أن «من حق الشعب الفلسطيني أن يعيش حياة عزيزة وكريمة على أرضه، وأن يواصل نضاله وضغطه الشعبي حتى استكمال تحقيق مطالبه وكسر الحصار بشكل كامل، في وقت لم يَعُد فيه مقبولاً منطق التسويف والتلكّؤ». بالتوازي مع ذلك، علمت «الأخبار»، من مصادرَ فلسطينية، أنّ تطميناتٍ قطرية وصلت إلى «حماس»، أمس، بخصوص المنحة القطرية التي ستُصرف مطلع الشهر المقبل، وفق الآلية الجديدة التي تمّ التوصّل إليها بين الأمم المتحدة والقطريّين الأسبوع الماضي، عبر أحد البنوك الوافدة في غزة. وفي الوقت نفسه، أبلغ المصريون، الحركة، بتسهيلات إسرائيلية جديدة للقطاع ستدخل حيّز التنفيذ، بما فيها السماح بدخول مواد إعادة الإعمار عبر معبرَي رفح وكرم أبو سالم، وهو ما سيتيح البدء بعملية الإعمار باستخدام المنح التي قُدّمت لغزة بعد معركة «سيف القدس».
على خطٍّ موازٍ، لا تزال تتصاعد الانتقادات الداخلية الحادّة لحكومة الاحتلال وجيشه، على خلفيّة عجزهما عن فرْض معادلة ردعٍ مع القطاع، الأمر الذي دفع نائب رئيس هيئة الأركان، هرتسي هليفي، إلى الدّفاع بأنّ قوّة الرّدع الإسرائيلية تآكلت سريعاً بفعل تردّي الأوضاع الإنسانية في غزة. وأشار هليفي إلى أن «الجيش ينظر إلى الوسائل التي تستخدمها حركة حماس مؤخراً على أنها إشارات وليست حرباً»، مضيفاً أن «الجيش غير متحمّس لمواجهة جديدة، لكنه مستعد لها في حال كانت هي المخرج الأخير». وكان الكاتب الإسرائيلي في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، أليكس فيشمن، رأى أن «كلّ محاولات إسرائيل لمصالحة حماس في غزة، من خلال منحها تسهيلات وامتيازات، مآلها الفشل مسبقاً»، معتبراً أن «الضغط الذي تمارسه حماس خلال زيارة (رئيس الوزراء) نفتالي بينت إلى واشنطن، يهدف إلى طرح التسوية في غزة كموضوع مركزي على طاولة المحادثات مع الرئيس الأميركي، إذ ترى حماس في هذه التظاهرات فرصة لتُحقّق أكثر بكثير من بضعة إنجازات اقتصادية، بل لأن تُحقّق ضغطاً أميركياً على إسرائيل كي تُحرّك تسوية كاملة، بما فيها صفقة تبادل أسرى، وبأقلّ من هذا لن تعطي حماس إسرائيل تهدئة طوعية».