تصاعدت حدّة الخلاف بين رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة واللواء المتقاعد خليفة حفتر لتصل إلى ذروتها في الأيام الماضية، بعدما حاول الدبيبة، منذ بداية المرحلة الانتقالية، تجنّب لحظة الصدام هذه بتقديم تنازلات كان آخرها السماح بإدراج ميزانيّة قوات حفتر ضمن ميزانيّة الدولة التي أُرسلت إلى البرلمان لاعتمادها، في خطوة ضَمِن من خلالها اللواء المتقاعد توفير موارد مالية حتى نهاية العام على الأقلّ، وفق الأرقام المُقدَّمة من فريقه المساعد ومن دون أيّ تغييرات. ودفع هذا التصاعد كلّاً من مصر والإمارات إلى عقد لقاءات سرّية ومنفصلة مع الطرفين عبر مخابرات البلدَين، من أجل محاصرة الخلاف والتوصّل إلى نقاط توافق، خاصّة بعدما أرجئت زيارة الدبيبة إلى بنغازي، بسبب رفض حفتر تأمينها من قِبَل قوات مصاحبة تسبق الدبيبة إلى المدينة. وبحسب المعلومات، يعمل الوسطاء على جمع الرجلَين في لقاء قد يكون في القاهرة قريباً، من أجل الاستقرار على صيغة تضمن لكلّ منهما إرضاء مؤيّديه.
انحاز البرلمان برئاسة عقيلة صالح إلى حفتر بشكل واضح

ويأتي هذا في وقت يحثّ بعضُ الأطراف رئيسَ الحكومة على تعيين وزير للدفاع وترشيح قائد للجيش لتَسقط عن حفتر الصفة العسكرية التي يلصقها بنفسه، لكنّ مسؤولي المخابرات المصرية حذّروا الدبيبة من الإقدام على خطوات قد تؤدي إلى انهيار ما جرى تحقيقه في الفترة الماضية، لا سيما في ظلّ تأهّب حفتر للتصعيد العسكري، على رغم سماحه بتنفيذ عملية تبادل المعتقلين خلال الأيام الماضية. وبينما رفض اللواء المتقاعد تقديم أيّ تنازلات من دون ضمانات، ربط الدبيبة قبوله لقاء الأوّل بشرطَين رئيسَين: الأوّل، اعتراف حفتر بشكل واضح وصريح برئاسة الدبيبة للحكومة؛ والثاني، الإقرار بصلاحياته على رأس وزارة الدفاع، التي احتفظ بها لنفسه لتجنّب الصدام مع قوات اللواء المتقاعد. وتواصل مسؤولو السفارة الأميركية في ليبيا مع مسؤولي المخابرات المصرية لمعرفة تقديرهم للموقف، وسط تشديد مصري على ضرورة التوصّل إلى توافق بين الدبيبة وحفتر في أقرب وقت ممكن من أجل ضمان استمرار المسار الحالي، بما لا يسمح بتجدّد أعمال العنف. ومن المقرّر أن تُعقد خلال الأيام القادمة لقاءاتٌ رسمية معلنة، من بينها مشاورات مع الدول المعنيّة بالملفّ الليبي، جرى تأخيرها بسبب تطوّرات الوضع في أفغانستان.
على المقلب الداخلي، انحاز البرلمان برئاسة عقيلة صالح إلى حفتر بشكل واضح، بناءً على تنسيق مسبَق بين الطرفين، وقرّر استدعاء رئيس الحكومة الأسبوع المقبل من أجل استجوابه حول ما يصفه بعض النواب المؤيدين لحفتر بأنه إهدار لأموال البلاد في الخارج، وعدم الالتزام بصلاحيات الحكومة. ولا يُعرف ما الذي ستؤدّي إليه هذه الخطوة، في ظلّ غياب آلية يمكن من خلالها ترشيح حكومة بديلة، على اعتبار أن رئيسَي الحكومة والمجلس الرئاسي جرى انتخابهما من قِبَل «ملتقى الحوار السياسي»، بينما حازت الحكومة الثقة فقط من البرلمان.