بعد سلسلة التأجيلات التي شهدها الاتفاق المرتقب في مدينة دوما، أطلقت قيادة «جيش الإسلام»، صباح أمس، إشارة البدء بإطلاق سراح 1500 عائلة سورية، تضم 5000 فرد، يحتجزهم التنظيم منذ كانون الاول الماضي، إثر اقتحامه مدينة عدرا العمالية في ريف دمشق.
ورست المحادثات بين قادة التنظيم ولجان المصالحة في الغوطة الشرقية على اتفاق يجري بموجبه إطلاق سراح عائلة مقابل كل معتقل تفرج عنه الدولة. مصدر مسؤول في وزارة المصالحة الوطنية أكد لـ«الأخبار» أنّ «الاتفاق اتسم بالسرية التامة حرصاً على نجاح العملية بكل تفاصيلها»، مؤكداً «أنّ أكثر من 5000 إنسان سيعودون إلى ممارسة حياتهم الطبيعية بموجب هذا الاتفاق. والأهم من هذا كله، أن الاتفاق فتح قنوات للتواصل بين الطرفين، وقد لا تقف هذه القنوات عند حدود الاتفاق الحالي». وتوقعت المصادر تنفيذ الاتفاق في «القريب العاجل».
وبحسب ما علمت «الأخبار»، فإن الاتفاق جرى بين لجنة ممثلة للدولة، مكوّنة من ممثلين للجيش ووزارة المصالحة ووجهاء، وممثلين عن مسلّحي دوما. وتسلّمت اللجنة قائمة المسلّحين الذين سيُفرج عنهم مقابل العائلات المحتجزة. ومبدئياً، «سيتم الإفراج عن عائلة واحدة مكوّنة من 8 أشخاص مقابل مسلّح واحد، في خطوة تعد بمثابة اختبار لجدية الطرفين».
في موازاة ذلك، وبعدما شهدت منطقة القدم، جنوبي دمشق، ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرة الاشتباكات الأسبوع الماضي، توصل الجيش وفصائل المعارضة المسلحة إلى اتفاق لوقف النار لمدة أسبوع قابل للتمديد، في حال لم يتم خرق الاتفاق. وبحسب تقديرات لجان المصالحة، فإن منطقة القدم «مرشحة بقوة، خلال أقل من ثلاثة أشهر، للتوصل إلى تسوية تعيدها إلى الأمان».
ميدانياً، أحرز الجيش أمس تقدماً ملحوظاً في حي جوبر، شرقي دمشق، حيث فاجأ المسلّحين بتنفيذه خطوة التفافية من الجهة الشرقية للحي، محقّقاً اختراقاً مزدوجاً من الناحيتين الجنوبية والشمالية له، ومغيّراً بذلك موقع المعركة في جوبر. فقد كانت الاشتباكات خلال الفترة الماضية تجري في أطرافه الغربية (المتاخمة للعاصمة)، حيث يحشد المسلّحون معظم قواهم. وما إن أقدم الجيش على خطوته هذه حتى انطلقت تعزيزات المسلّحين من منطقتي زملكا وعين ترما، في عمق الغوطة الشرقية، ومن جهة دوما المجاورة لجوبر من ناحية الشرق.
وفي موازاة ذلك، دارت اشتباكات عدة في مزارع عالية في مدينة دوما، حيث حاول مسلحون التسلّل لمنع توغل الجيش في الأطراف الشرقية من حي جوبر. وأدت الاشتباكات إلى مقتل عشرات المسلّحين في مناطق متعدّدة من جوبر ودوما وزملكا وعين ترما ومحيط المليحة، وقالت مصادر عسكرية إن أكثر من 20 مسلّحاً تابعاً لـ«جيش الإسلام» قتلوا في مزارع النشابية، في عمق الغوطة الشرقية.
من جهة أخرى، توقف دخول المساعدات لليوم الثاني على التوالي إلى مخيم اليرموك أمس على خلفية مشادات كلامية بين منظّمي التوزيع والسكان.

المياه تعود إلى حلب

على صعيد آخر، وبعد عشرة أيام من المعاناة في حلب، أُجبرت الجماعات الإسلامية المعارضة التي قطعت المياه عن المدينة على إعادتها من جديد. زغاريد النساء وصيحات الأطفال تعالت في أحياء الميدان والسليمانية والعزيزية والجابرية والجميلية وغيرها مع بدء انسياب الماء في الصنابير. ورغم إعادة المياه لساعات عدة، فإن ذلك لم يمنع مشهد طوابير المنتظرين أمام سبل الماء المنتشرة في الحدائق والجوامع. وتسبّب استخدام آبار المياه الجوفية بمئات حالات التسمم والالتهابات المعوية، وبالأخص لدى الأطفال.
وقال عضو المكتب التنفيذي في محافظة حلب، عبد الغني قصاب، لـ«الأخبار»، إن «المشافي استقبلت حالات تسمم والتهابات معوية نتيجة شرب مياه ملوثة من مصادر غير نظيفة وغير مراقبة جيداً»، لافتاً إلى أن «عدد الحالات المسجلة لا يشير إلى حدوث أزمة خطيرة».
بدوره، قال مصدر في «مؤسسة المياه» في حلب إنّ ضخ المياه تمّ إلى جميع أحياء حلب على التوالي بحلول ليل أمس، مشيراً إلى أن «عمال وفنيي المؤسسة يتولون مهامهم في محطة الضخ في مقر المؤسسة في حي سليمان الحلبي بعد رضوخ الجماعات المسلحة للضغوط التي مورست عليها لوقف قطعهم الماء».
وفي دير الزور، واصل تنظيم «داعش» تثبيت مواقعه، مشدداً الحصار على المدينة. وبدا أن التنظيم يعتزم تحويل بلدة حطلة (6 كلم شرقي المدينة) إلى نقطة تمركز أساسية، للإفادة منها كمُنطلق لعملياته في اتجاه المدينة. وجرياً على عادته، فجّر التنظيم أضرحة ومزارات، منها مزار السيد العابد، وضريح خلف المسيخ. ووصفت مصادر التنظيم الأمر بأنه «تطهير من معابد شركية تُعبد من دون الله». كذلك حوّل التنظيم عدداً من الأبنية، ومن بينها مدارس، إلى مقار له. وتحدث ناشطون معارضون عن قيامه بحملات دهم داخل البلدة، الأمر الذي تكرر في خشام (18 كلم شرقي دير الزور).