تميل التقديرات الإسرائيلية إلى الاعتقاد أن الدول الست العظمى تسعى إلى عقد تسوية بعيدة المدى مع إيران بخصوص برنامجها النووي، على أمل التوقيع على اتفاق نهائي خلال المدة المفترضة لذلك في شهر تموز المقبل، وهنا يعبّر مسؤولون إسرائيليون لنظرائهم الأميركيين عن قلقهم من تقديم تنازلات دولية لمصلحة الجمهورية الإسلامية.
في هذا الإطار، كشفت صحيفة «هآرتس» أن مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس التي زارت إسرائيل الأسبوع الماضي تحدثت عن فرصة ضيقة للتوصل إلى اتفاق مع إيران، قائلة إنها قد تغلق قريباً. وبررت رايس تقديرها بـ«أنه ليس مؤكداً نجاح الرئيس الإيراني حسن روحاني ومعه وزير الخارجية محمد جواد ظريف (المعتدلين نسبياً وفق وصفها) في الاستمرار في إملاء السياسة الخارجية لوقت طويل».
مع ذلك، ترفض إسرائيل، وفق «هآرتس»، التبرير الأميركي، مشيرة إلى أن «إيران تنجح مرة أخرى في تضليل الدول العظمى».
في السياق، ترى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن طهران متحمسة للتوصل إلى اتفاق قبل تموز، لأنها تلاحظ أن هناك استعداداً غربياً لذلك، في ظل إزالة جزء من العقوبات الاقتصادية على الجمهورية في أعقاب الاتفاق المرحلي في تشرين الثاني الماضي.
وتقدّر إيران أنه في حال إسقاط غالبية العقوبات الاقتصادية عنها، يمكنها تطوير اقتصادها بسرعة في السنة المقبلة. على ضوء ذلك، لفتت «هآرتس» إلى أن إسرائيل باتت قلقة من التقارير المتراكمة عن استعداد رجال أعمال وشركات أجنبية لتجديد العلاقات الاقتصادية مع الإيرانيين.
الصحيفة قالت أيضاً إن رايس عرضت خلال محادثاتها في إسرائيل ما يصفه الأميركيون بأنه إنجازات ملموسة في الاتفاق الأولي، وفي مقدمتها وقف تخصيب اليورانيوم بمستوى 20%، وتخفيض مستوى التخصيب القائم، إضافة إلى زيادة الرقابة الدولية، كذلك ترى واشنطن، وفق رايس، أنه يمكن دفع إيران إلى تقديم تنازلات بخصوص تفعيل مفاعل اراك، لكن إسرائيل تقول إن إيران كانت على استعداد لتقديم تنازلات بخصوص مفاعل اراك في مجال البلوتونيوم مقابل الحفاظ على إنجازاتها في اليورانيوم.
وأضافت «هآرتس»: «رايس سمعت من القيادة الإسرائيلية انتقاداً لحقيقة أنه لم يجر خلال المفاوضات مع إيران علاج حقيقي لمسائل أخرى، مثل برنامج إنتاج صواريخ بالستية بعيدة المدى، والمساعدة الإيرانية الواسعة للنشاطات الإرهابية»، لذلك يقدرون في إسرائيل أن الولايات المتحدة ليست على استعداد لإبداء المزيد من التصلب حتى لا يعرقل التوقيع على الاتفاق النووي.
ومعنى هذا أن إسرائيل ترى أن الإدارة الأميركية تسعى فقط إلى التزام تعهداتها بشأن منع طهران من إنتاج قنبلة حتى انتهاء ولاية الإدارة الحالية، أي حتى كانون الثاني 2017. وما يبرز في جهة مقابلة أن الاتفاق سيسمح لإيران بتطوير اقتصادها بسرعة، ويبقيها، طبقاً لـ«هآرتس»، على حافة التحول إلى دولة نووية يكون بمقدورها إنتاج قنبلة خلال سنة، فضلاً عن أن الاتفاق سيقلص احتمالات شن إسرائيل هجوماً ضد المفاعلات النووية الإيرانية في هذه المرحلة إلى جانب المعارضة الدولية الشديدة لخطوة شبيهة.
وتضيف الأجهزة الأمنية في إسرائيل مشكلة أخرى هي «التطور الذي استجد على مكانة إيران الإقليمية خلال الأشهر الأخيرة، نظراً إلى دورها في المنطقة كلها، ولا سيما مساعداتها للنظام السوري في صموده ضد المعارضة». كذلك يلاحظون في إسرائيل، بمقتضى حديث «هآرتس»، دور طهران المتجدد في ما يجري في قطاع غزة مع عودة الإيرانيين إلى تعزيز العلاقة مع حركة الجهاد الإسلامي هناك، إضافة إلى المحاولات الأولية للمصالحة مع حماس.