لا تبدو العودة الإسرائيلية إلى الاتحاد الأفريقي سهلة. فالخطوة التي سعت إليها تل أبيب على مدار عقدين، والتي جاءت مدعومة خليجياً وتحديداً من الإمارات، تُواجَه برفض مصري - جزائري، فيما لا يزال يغلب الصمت الموقف المغربي. وبعد مرور قرابة ثلاثة أسابيع على إعلان انضمام إسرائيل إلى الاتحاد بصفة "مراقب"، تقود الجزائر حراكاً مضادّاً لتلك الخطوة، سعياً إلى عرقلتها، أو على الأقلّ تأجيل دخولها حيّز التنفيذ أطول فترة ممكنة. وسيكون للسفير الإسرائيلي في إثيوبيا، أليلي أدماسو، في حال سريان مفاعيل العضوية، أحقّية الحضور في الدورات الخاصة بالاتحاد، والوصول إلى الوثائق غير ذات الطابع السرّي، والمشاركة في اجتماعات الأجهزة الأفريقية وفق شروط محدّدة، فضلاً عن المشاركة في المداولات من دون أن يكون له حقّ التصويت، إلى جانب إمكانية الإدلاء ببيان حول مسألة تهمّ "دولته" بموافقة رئيس المؤتمر، وإلقاء كلمة خلال الاجتماعات العلنية، وهي تفاصيل كانت إسرائيل تبدي اهتماماً شديداً بها خلال فترة وجودها في "منظّمة الوحدة الأفريقية"، التي تحوّلت لاحقاً إلى "الاتحاد الأفريقي"، وأُعيدت صياغة العديد من أطرها الناظمة.ويُتّهم رئيس المفوضية الأفريقية، موسى فقي، بمخالفة الضوابط المنصوص عليها في ما يتعلّق بعملية اعتماد الدول غير الأفريقية بصفة "مراقب". إذ على الدولة المعنيّة، وفقاً لتلك الضوابط، أن تُقدّم الطلب أوّلاً، ليَنظر فيه رئيس المفوضية وفقاً للمبادئ والأهداف الواردة في القانون التأسيسي، ومن ثمّ يبلغ الدول الأعضاء بالأمر للحصول على تعليقاتها وملاحظاتها، على أن يُقبَل الاعتماد ما لم يكن هناك اعتراض خلال 45 يوماً من تاريخ الإبلاغ، بينما في حال وجود الاعتراض، لا يقوم رئيس المفوضية بمعالجة الطلب، وإنما يدرجه في جدول أعمال المجلس التنفيذي.
لن تُلوّح مصر بتعليق عضويّتها حالياً وهو ما تتبنّاه الجزائر أيضاً التي لا يمكنها المغامرة بهذه الخطوة

وعلى رغم إعلان فقي أن قرار منح إسرائيل صفة "المراقب" سيكون على أجندة أعمال الاجتماع المقبل للمجلس التنفيذي، والمقرّر انعقاده في تشرين الأول، إلّا أن التغلّب على التوجّه الذي يزكّيه فقي في الاجتماع المنتَظر، يواجه عقبات متعدّدة، إذ إن الدول العربية المعترضة على العضوية الإسرائيلية، وهي جيبوتي وجزر القمر وتونس وليبيا وموريتانيا بالإضافة إلى الجزائر ومصر، لم تستطع إلى الآن تأمين الأصوات الأفريقية اللازمة لتكوين جبهة أغلبية، معادِلة لثلثي الأعضاء، تخوّلها إبطال القرار. وهو ما تُراهن عليه تل أبيب، مستندةً إلى إقامتها علاقات مع 46 دولة أفريقية، من بينها المغرب الذي رفض التوقيع على بيان الاعتراض العربي، وذلك لسببَين: الأوّل، اتفاق التطبيع الذي وقّعته الرباط مع تل أبيب العام الماضي؛ والثاني تحفّظ المغرب على قيادة الجزائر للحراك المعارض لانضمام إسرائيل إلى الاتحاد. ويُضاف إلى ما تَقدّم موقف رئيس المفوضية المسانِد لإسرائيل، والذي يحاول فقي تمويهه بالحديث عن "الموقف الأفريقي الثابت من القضية الفلسطينية، وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية"، فيما هو عملياً يوفّر غطاءً لقيام تل أبيب بتعزيز علاقاتها الأفريقية، التي لطالما وقفت القضية الفلسطينية عائقاً أمامها على مدار العقود الماضية.
في المقابل، وفيما تُصعّد الجزائر موقفها إلى حدّ اعتبارها عضوية إسرائيل بمثابة تهديد بتقسيم الاتحاد الأفريقي، وفق ما جاء على لسان وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، تتزايد الخشية المصرية من أن يمثّل انضمام تل أبيب إلى الاتحاد بوّابة للتغلغل الإسرائيلي في القضايا الأفريقية بشكل رسمي، وهو ما من شأنه تهديد مصالح القاهرة. لكن بحسب دبلوماسي مصري تحدّث إلى "الأخبار"، فإن مصر لن تُلوّح بتعليق عضويّتها، وهو ما تتبنّاه الجزائر أيضاً، التي لا يمكنها المغامرة بهذه الخطوة في الوقت الحالي لأسباب عدّة، لكن مع هذا سيتجاوز تصعيدها الدبلوماسي بأشواط التصعيد المصري. ويلفت المصدر إلى أن القاهرة كانت على علم منذ فترة بالجهود الإسرائيلية الحثيثة للانضمام إلى الاتحاد، وأن فقي اتّخذ القرار بناءً على مشاورات منفردة جرت مع غالبية الدول الأفريقية التي لم تعترض على الخطوة، مضيفاً أن الأولوية بالنسبة إلى مصر هي كيفية مواجهة الأمر الواقع والتصدّي له من الداخل، وليس انتظار اجتماع بعد أكثر من شهرين نتيجته معروفة سلفاً.