ريف دمشق | تنتشر قضية معتقلي مدينة برزة على لسان مسلحي كتائبها. يتناول هؤلاء القضية ويروّجونها في الداخل على أنها الأساس الذي يسمح لكل الفصائل المسلحة في المدينة بإعلان وقف العمل بالهدنة «بعدما رفض النظام تطبيق ما وعد به». وفي تفاصيل الاتفاق، نصّت شروط الهدنة التي توصّل إليها الطرفان في برزة بداية العام الجاري، على إطلاق سراح معتقلي المدينة كافة.
ولكن بعد أربعة أشهر من إعلانها، لم يستكمل تنفيذ الشرط الأخير من الهدنة بعد، رغم خروج أمهات المعتقلين في أكثر من تظاهرة في الأسابيع الماضية. «طلقة واحدة لم نضرب داخل برزة، وذلك حفاظاً منا على رغبة الأهالي في استمرار التسوية، إلا أنه لا يمكن للنظام أن يستمر باللامبالاة إزاء قضية المعتقلين. إذا كان صادقاً فليطلق سراحهم، وإن لم يكن كذلك، فليس له أن يلومنا على إنهاء الهدنة»، يقول أحد المسلّحين من «الجيش الحر» في المدينة.
خلافاً للمسلحين المحليين، تعلم «جبهة النصرة» كيف تستثمر تأخير إطلاق سراح المعتقلين جيداً. ينشر مسلحوها في أوساط أبناء برزة قناعةً مفادها أن المليحة «ستخرج عاجلاً أو آجلاً من دائرة نفوذ المعارضة المسلحة»، لذا يجب على المدينة (برزة) أن تتجهز لتتحول إلى مركز لمسلحي المعارضة. وينقسم أبناء برزة إلى ثلاثة تيارات، الأول مع طرح «النصرة»، والثاني يؤيد تحويل برزة إلى مركز للمعارضة لكن مع بقاء «النصرة» بعيداً عن المدينة، ويفضِّل الثالث الخروج من برزة كلياً بعدما تحولت المعارك إلى «خيار وحيد» مطروح للتداول. ولتمرير مخططها في برزة، تسعى «جبهة النصرة» إلى لجم الخلافات مع المسلحين المحليين، وذلك عبر خلق مناسبات اجتماعية للتقرّب من قادة التنظيمات المحلية. ويؤكد مواطنون، في هذا السياق، أن العلاقات بين الطرفين تشهد تحسناً ملحوظاً.
في المقابل، يؤكد مصدر مطلع في وزارة المصالحة الوطنية لـ«الأخبار» أن «قضية المعتقلين معقّدة وطويلة، فهناك اختلاط وتداخل بين المعتقلين السلميين والمعتقلين على خلفية حمل السلاح، وهؤلاء متورطون بالدم السوري ولا يمكن إطلاق سراحهم قبل تحويلهم على القضاء».
يقابل أبو عامر البيدا، المسلح المكلف سابقاً بالتواصل مع لجان المصالحة الوطنية، هذا الكلام بالرفض، ويثير الحديث حول «تلطخ اليدين بالدماء» استفزازه: «النظام كان يعلم جيداً أننا عندما وضعنا هذا الشرط كنا نقصد المعتقلين كافة، بمن فيهم المسلحون السابقون. وقد قلنا له هذا الكلام وأعلن موافقته، فلماذا التراجع الآن؟». ويشتدّ الخلاف بين الطرفين ليصل إلى أعداد المعتقلين: «النظام يقول إن عدد المعتقلين 200، بينما نحن أحصينا أكثر من 450 معتقلاً. هؤلاء لديهم عائلات، وتأخير إطلاق سراحهم سيجعل عائلاتهم تنقلب على الدولة»، بحسب ما يؤكد لـ«الأخبار» المسؤول عن لجنة التواصل مع لجان المصالحة في المدينة، نبراس أبو الخير.