درعا | لا تستعجل دمشق الحلّ العسكري في درعا، بل لا تزال تُفسح المجال أمام المفاوضات، للعودة إلى سكّة التسوية، وتطبيق اتفاق انتشار الجيش في درعا البلد، وفرض سيادة الدولة على كامل المحافظة. وما يحفّز الحكومة على الاستمرار في مقاربتها تلك، اعتبارها أن غالبية سكّان مركز المحافظة، المُقدَّر عددهم بنحو 50 ألف مدني، يريدون عودة الدولة إلى مناطقهم وتوفير الحماية لهم، ولهذا تُبدي دمشق صبراً في المفاوضات، على رغم إعلان تعثّرها أكثر من مرّة. في المقابل يسعى المسلّحون، عبر الوسيط الروسي، إلى محاولة الضغط على الجانب الحكومي للتراجع عن شروطه، التي تُعتبر، من وجهة نظر الأخير، غير قابلة للنقاش، خاصة المتعلّقة بتسليم السلاح، وإنهاء حالة الفوضى، وعودة السيادة الوطنية الكاملة. بناءً عليه، حاولت الوساطة الروسية، خلال المفاوضات التي شهدتها الساعات الماضية، إقناع الفصائل المسلّحة المتمركزة في معاقلها الثلاثة: البلد، السدّ، المخيّم، بالعودة إلى شروط الـ27 من تموز، والتي تُصرّ عليها اللجنة الأمنية والعسكرية الحكومية، والمتمثّلة في إنهاء فوضى السلاح الفردي، وخروج قرابة 12 قيادياً باتّجاه الشمال، إضافةً إلى تمركز الجيش السوري في جميع أحياء درعا البلد، وتنفيذ حملات تفتيش واسعة. لكن هذه المفاوضات كان مصيرها الفشل حتى الآن، وهو ما ألمح إليه العضو البارز في «اللجنة المركزية»، المفاوِضة بإسم المسلحين، الشيخ فيصل أبازيد، بمناشدته «موسكو التدخّل لتجنيب المنطقة عملاً عسكرياً» يؤدي إلى فرض سلطة الدولة السورية الكاملة على المنطقة، فيما أعلنت العشائر موقفاً مماثلاً.
تجدّدت المناوشات والرمايات في درعا البلد، من دون وجود عمل عسكري واسع.


وبينما كانت المفاوضات تُسجّل فشلاً مجدّداً، تجدّدت المناوشات والرمايات في درعا البلد، من دون وجود عملٍ عسكري واسع، على عكس ما تمّ الترويج له. إذ شهد القطاع، بمحاوره الثلاثة، اشتباكات بالأسلحة الرشّاشة والمتوسّطة، في ظلّ تعزيزات للجيش السوري في الريفَين الشمالي والشمالي الغربي، وعلى أوتستراد دمشق - عمّان الدولي المُغلَق، بسبب التطوّرات الأخيرة، وإقدام شبّانٍ على إشعال الإطارات في «موقع صيدا». وعلى رغم أن مصدراً عسكرياً مطّلعاً وصف، في حديث إلى «الأخبار»، الاشتباكات الحاصلة حالياً بـ«الحالة الروتينية خلال الأيام الماضية»، معتبراً أن «الضخّ الذي تقوم به منصّات المسلحين الإلكترونية، عبر تكثيف أخبار الاشتباكات، تريد كسب التعاطف الإعلامي الدولي لفرض شروطها على أيّ اتفاق قادم»، إلّا أنه يؤكد أن «كلّ الخيارات مطروحة»، في إشارة إلى إمكانية إطلاق عملية عسكرية واسعة.
ومن هنا، وفي ظلّ هدوءٍ حذر ساد المنطقة أمس، يدور الحديث عن ساعات «استثنائية» ستُحدّد نوع الحلّ القادم. وفي هذا الإطار، يقول رئيس «لجنة المصالحة»، حسين الرفاعي، في تصريح مقتضب إلى «الأخبار»، إنه «لا جديد، ومساء اليوم سيتّضح كلّ شيء»، فيما تكشف مصادر مطّلعة، لـ«الأخبار»، عن مبادرة جديدة من «اللجنة المركزية» تنصّ على «إنشاء حواجز مشتركة للجيش السوري والقوى الأمنية برفقة اللواء الثامن، شريطة عدم دخول الفرقة الرابعة»، على أن «يتمّ إفساح المجال للقوّات التي ستدخل درعا البلد بالقيام بعمليات تدقيق وتفتيش محدودة، وعلى نطاق ضيّق، وأن تتمّ هذه العملية برفقة مسلّحي التسوية التابعين للمركزية».