القاهرة | على رغم إقرار الصياغة القانونية لآلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية قبل نحو عامين تقريباً، والتي تقضي بمراجعة أسعار النفط بشكل دوري وتحديد سعر بيعها للجمهور بناءً على هذه الآلية، إلّا أن الحكومة المصرية تتعامل مع المسألة بصورة انتقائية. وتحت ذريعة الاضطرابات والتذبذب الشديد في أسعار النفط العالمية، أقرّت الحكومة، يوم أمس، زيادة أسعار البنزين بواقع 0.25 قرشاً لليتر الواحد، مع الإبقاء على أسعار بقية المحروقات ثابتة، لا سيما المازوت والسولار الأكثر استخداماً. وشرحت اللجنة الحكومية المسؤولة عن التسعير قرار الزيادة وطريقة تحديدها، مستندةً إلى ارتفاع أسعار خام القياس العالمي «برنت» بنسبة 12 في المئة مع ثبات سعر الصرف. وعبر تطبيق المعادلة السعرية بتحديد نسبة الزيادة بحدّ أقصى يبلغ 10 في المئة، جاء القرار الذي سيتمّ التأكيد على تطبيقه بشكل فوري مع مراقبة الأسواق للتأكُّد من عدم وجود زيادة في الأسعار نتيجة الزيادة الجديدة التي تقول الحكومة إنها لا تطال غالبية القطاعات.لكن بيانات الحكومة المغلوطة تجنّبت الإشارة إلى أن آلية رفع سعر البنزين ليصبح الأعلى على الإطلاق، تجاهلت أموراً عدة من بينها أنها الزيادة الثانية في غضون أربعة أشهر، جاءت بعد أكثر من عام على انخفاض أسعار البترول عالمياً بأكثر من 50 في المئة ورفْض الحكومة، في حينه، خفض الأسعار بما يتماشى مع اللوائح العالمية، مفضّلةً إحالة الفائض من أرباح بيع المحروقات لدعم إجراءات مواجهة «كورونا». قرار الزيادة الذي يأتي في إطار استمرار تنفيذ خطة الرفع الكامل للدعم، ستكون له انعكاسات ممتدّة خلال الأسابيع المقبلة. فعلى رغم تأكيد الحكومة عدم السماح بارتفاع أسعار النقل ووسائل المواصلات، إلّا أنه جرى تعديل أسعار خدمات «أوبر» و»كريم» بشكل فوري في ظلّ تكبُّد السائقين المزيد من التكلفة.
جرى تعديل أسعار خدمات «أوبر» و»كريم» بشكل فوري في ظلّ تكبُّد السائقين المزيد من التكلفة


وتربط الحكومة زيادات أسعار وسائل النقل بزيادة سعر البنزين فقط، متغاضية عن فرض ضرائب على العديد من الخدمات الأخرى، بخاصة في ظلّ عمليات التهرُّب الضريبي والضرائب المرتفعة على استيراد قطع غيار السيارات وغيرها من الرسوم التي أثقلت كاهل أصحاب السيارات، على رغم تدنّي دخولهم وإجبارهم على الالتزام بالتعريفات المحدَّدة، في الوقت الذي فشلت فيه الحكومة بأن تُبقي الزيادات على أسعار تذاكر الباصات العامة عند معدلات زيادة أسعار الوقود. وفي مقابل حصولها على أموال المواطنين خلال «كورونا» لدعم الاقتصاد، لم تتحمَّل الحكومة دعمَ المصريين وسط زيادة أسعار المحروقات عالمياً، ضمن التزامها الصارم بتنفيذ شروط «صندوق النقد الدولي» الذي أصدر بياناً قبل ساعات من إعلان قرار الزيادة، تحدّث فيه عن نجاح الحكومة المصرية في المحافظة على استمرار الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد خلال الأزمة الوبائية، معتبراً أن أولوية الحكومة - في المدى المتوسط - ليس تحقيق نمو مرتفع فحسب، بل نمواً شاملاً يضمن خلق فرص العمل وضمان مستويات معيشية لائقة للشباب، وهو المسار الذي لا تعيره الدولة اهتماماً في ظلّ وقف التعيينات الحكومية وتدني الرواتب في القطاع الخاص.