بغداد | قبل أقلّ من 70 يوماً على الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق، قلَبَ زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، الطاولة على الجميع، بإعلانه الانسحاب من السباق الانتخابي المزمع تنظيمه في العاشر من تشرين الأول المقبل. ويرى عضو «مكتب الشهيد الصدر»، الشيخ صادق الحسناوي، في حديث إلى «الأخبار»، أن مقاطعة التيار للانتخابات، «ستتسبّب بإرباك كبير للوضع السياسي القائم، وربّما تؤدي إلى إعادة النظر بتوقيت العملية الانتخابية التي ستتأثّر نسبة المشاركة فيها بمقاطعة جمهور أكبر كتلة برلمانية، بالتالي فإن مخرجاتها ستكون غير مستقرّة وغير قادرة على تشكيل حكومة تعمِّر طويلاً، لأن كفّة المعارضة الشعبية ستكون أرجح من كفّة الحكومة المقبلة»، مشيراً إلى أن «الاحتمالات تبقى مفتوحة وقائمة على حلول ومقترحات ربّما تؤدّي إلى برنامج سياسي يلبّي طموح المواطن العراقي». ويعتبر الحسناوي أن «الفراغ سيكون كبيراً يساوي حجم التيار الصدري وثقله السياسي، وسيشهد البرلمان تغيُّراً في الخريطة السياسية ونِسَب التمثيل للمكونات العراقية في الدوائر المشتركة إثنياً ودينياً التي يتواجد فيها التيار الصدري، حيث سترجّح المقاطعة كفّة الأحزاب الأخرى المنافِسة والناشئة حديثاً».لكن الانسحاب أثار أسئلة من قَبيل: هل هو نهائي أم قابل للمراجعة؟ هل هو جزء من استراتيجية انتخابية للتحشيد أم أنه خطوة جدّية؟ وهل سيترك الصدر الحريّة للمرشحين للمشاركة من عدمها؟ يوم أمس، وبعد دقائق من إعلان الصدر، جاءت الاستجابة من «الكتلة الصدرية» (وهي قائمة انتخابية رعاها الصدر لخوض انتخابات 2021 المبكرة) التي أعلن مرشّحوها قرارهم عدم خوض السباق، وبينهم قيادات معروفة في التيار، مثل حاكم الزاملي، وصباح الساعدي، والنائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي، إضافة إلى مها الدوري. لكن مفوضية الانتخابات أعلنت أنها لم تتلقَّ أيّ طلب رسمي بالانسحاب. وفي حال قُدّمت طلبات رسمية إلى المفوضية، يبقى القول الفصل لمجلس المفوضين، لأن انسحاب مرشَّحي «التيار الصدري» سيوثّر في قرعة أرقام المرشّحين والأمور الفنية الخاصة بالعملية الانتخابية.
أغلق «التيار الصدري» هيئته السياسية لإثبات جدّيته في ترك العمل السياسي


ويقول مصدر سياسي مطلع لـ«الأخبار» إن انسحاب «الصدريين» من الانتخابات «يُدلّل على أنهم يحتاجون إلى إعادة ترميم البيت الداخلي، حيث تُعتبر أربع سنوات كافية إن توافرت الأدوات اللازمة، لكن قد تتمخّض عن ذلك معارضة صدرية داخلية تحاول الضغط للعودة إلى السلطة من بوابة الاحتجاجات». ويضيف المصدر أن «محاولات الدفع في اتجاه تأجيل الانتخابات قد تفرض على العراق حكومة انتقالية أو حكومة طوارئ، على اعتبار أن قرار حلّ مجلس النواب لم يتضمّن شرط إعادة عقد الجلسات إذا فشلت الحكومة في تنظيم الانتخابات المبكرة».
وفي خطوة لإثبات جدّيته في ترك العمل السياسي، أغلق «التيار الصدري» هيئته السياسية، وجرت تسمية رئيسَي الهيئة، نصار الربيعي ومحمد الموصلي، مستشارَيْن للصدر، وهذا الأمر ستترتّب عليه مراجعة الاتفاقات مع الجانب الكردي المتمثّل بـ«الحزب الديموقراطي الكردستاني»، وتبادل الزيارات بين الجانبين الصدري والكردي بعد إشاعة أنباء التحالف بينهما لقطف ثمار رئاسة الوزراء التي كان الصدر يطمح إليها. لكن الأمين العام لـ«كتائب الإمام علي»، شبل الزيدي، اعتبر أن «الانسحاب من الانتخابات يكون عبر مفوضية الانتخابات وليس عبر مواقع التواصل والإعلام، إلّا إذا كان المقصود فرض الفوضى، واستخدام الشارع الذي يجرّنا إلى ما لا تُحمد عقباه». وفي هذا الإطار، قدّر البعض بأن ظهور رايات «سرايا السلام« و«لواء اليوم الموعود» في خطاب الصدر، فيه إشارة إلى تصعيد مرتقب في الشارع.