غزة | مع دخول العام الـ16 للحصار على قطاع غزة، لا يزال القطاع يعيش أوضاعاً إنسانية واقتصادية في غاية الصعوبة، جعلت منه سجناً كبيراً لأكثر من مليونَي فلسطيني، وسط معدّل بطالة ليس له مثيل عالمياً، وحالة فقر أصابت الغالبية العظمى من السكّان. وبحسب معطيات إحصائية جمعتها «الأخبار»، فقد مسّ الحصار جميع مناحي الحياة، وحوّل غزة إلى مكان غير صالح للحياة، في ما يمثّل فضيحة دولية طويلة الأمد لا يزال العالم غير مكترث لها، فقط لأن المتضرّرين هم السكّان الذين يقاومون دولة الاحتلال الإسرائيلي.
عجز شامل
بعد مرور أكثر من 15 عاماً على الحصار، بلغ العجز في الأرصدة الدوائية في قطاع غزة أكثر من 50%، بعدما كان 16% فقط في عام 2005، فيما فاقت نسبة العجز في المستهلكات الطبية 65%، وفي الخدمات المُقدَّمة لمرضى السرطان 42%. كذلك، تدنّى عدد الأسرّة المتاحة للغزّيين في المستشفيات إلى 1.6 لكلّ ألف شخص مقارنة بـ3 عام 2005، في حين باتت 7 من كلّ 10 عائلات تعاني من انعدام الأمن الغذائي، مقارنةً بـ2 من كلّ 10 عائلات في عام 2005. وبحسب التقارير الاقتصادية، فإن نسبة الذين يعتمدون على المساعدات تجاوزت 80% من السكّان (1.8 مليون نسمة)، بعد أن فقد أكثر من ثمانين ألف عامل مصادر رزقهم، وأغلقت 80% من المصانع، وتوقّفت جميع المشاريع الإنشائية. وفي المجال الزراعي، تعرّض أكثر من 80% من المحاصيل للتلف بسبب عدم السماح بدخول الأدوية الزراعية والأسمدة وغيرها من المستلزمات الزراعية، بينما أصيب قطاع الاستثمار بانتكاسة كبيرة، وتجاوزت الخسائر المباشرة لقطاع المستوردين والتجّار 25 مليون دولار حتى عام 2016، قبل أن ترتفع إلى أكثر من 50 مليوناً حتى مطلع العام الحالي، حيث تكبّد نحو ألفي مستورد فلسطيني خسائر فادحة بسبب تراكم الحاويات في الموانئ الإسرائيلية. وفي أعقاب معركة «سيف القدس»، عاود الاحتلال تشديد حصاره على غزة، عبر إغلاق المعابر بشكل شبه كامل، ما كبّد التجار والمستوردين خلال أكثر من 50 يوماً قرابة 12 مليون دولار، وفق معطيات اقتصادية فلسطينية.
نسبة الذين يعتمدون على المساعدات تجاوزت 80% من السكّان


لا منفذ
في عام 2005، كان تنقّل الأفراد والبضائع يتمّ من خلال 6 معابر، لكن بعد الحصار بات عبر 3 معابر فقط، هي: معبر رفح مع مصر، ومعبر بيت حانون (إيرز) ومعبر كرم أبو سالم مع الاحتلال. شهد العامان الأخيران من الحصار انخفاضاً حادّاً في حركة المسافرين عبر معبر رفح مقارنة بالأعوام الفائتة (نحو 4200 مسافر شهرياً عام 2020 مقابل 12 ألف مسافر عام 2019)، وذلك بسبب استمرار السلطات المصرية في فرض قيود مشدّدة على عدد الأشخاص المسموح لهم بالسفر وهويّاتهم. ولذا، يتعيّن على العديد من الفلسطينيين في غزة دفع «رسوم تنسيق» (غير رسمية) باهظة تتراوح ما بين 600 و1200 دولار حتى يتمكّنوا من المغادرة. وعلاوة على ما تَقدّم، يتعامل أفراد الأمن المصري مع المسافرين الفلسطينيين على نحو غير إنساني، ويُخضعونهم لتفتيش متكرّر ومهين، وهو ما يتسبّب بإطالة مدّة الرحلة بين معبر رفح ومطار القاهرة حتى 72 ساعة في بعض الحالات (لا تستغرق أكثر من 6 ساعات في الوضع الطبيعي). وعلى الجانب الآخر، شدّد الاحتلال قيوده على سفر الفلسطينيين عبر معبر بيت حانون، إذ وافق خلال العامين الماضيين على 28% فقط من طلبات الحصول على تصاريح من قِبَل المرضى الفلسطينيين للسفر والعلاج في الداخل المحتل والضفة الغربية، مقارنةً بـ97% في عام 2005. وبحسب تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية» (أونكتاد) الصادر في نهاية عام 2020، قُدّرت التكلفة الاقتصادية للحروب والحصار على غزة خلال العقد الماضي بـ16.7 مليار دولار، وهو ما يعني أن نصيب الفرد الواحد من الخسائر الاقتصادية يبلغ نحو 9 آلاف دولار.