غزة | بعد أيام من المباحثات والرسائل غير المباشرة بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، ألقى المفاوِض الفلسطيني الكُرة في ملعب حكومة الاحتلال الجديدة، للاختيار بين التراجع عن السياسة المتّبعة حيال قطاع غزة أو الذهاب إلى مواجهة عسكرية قريبة. وفي وقت نقل فيه المصريون إلى فصائل المقاومة أن الحكومة الإسرائيلية ستتراجع عن خطواتها خلال أيام مع استمرار حالة الهدوء، علمت "الأخبار" أن الفصائل بدأت استعداداتها للعودة إلى التصعيد مع العدو، الذي لا يزال يُقحم ملفّ الجنود الأسرى في مباحثات وقف إطلاق النار. وبعدما شرعت في استخدام الأدوات الخشنة جزئياً توازياً مع إمهالها الوسطاء أياماً قليلة لتدارك الموقف، تنوي المقاومة التدرّج في التصعيد، وصولاً إلى المواجهة الشاملة إن لزم الأمر.ولا تزال المقاومة متمسّكة برفضها تقديم تنازلات في ملفّ الجنود الأسرى، أو ربطه بأيّ ملفّات أخرى. وهو موقف أثمر، إلى جانب جدّية التهديدات الصادرة عن الفصائل، تراجعاً في موقف الاحتلال خلال الأسبوع الحالي. إذ وفق المصادر، فإنه بعد أسبوع من تمسّك العدو بعدم السماح بإعادة إعمار قطاع غزة ورفع حالة الإغلاق الشامل عن القطاع إلّا مقابل تسليم الجنود، تنازلت الحكومة الإسرائيلية إلى اشتراط الحصول على معلومات عن أسراها فقط، مقابل تحقيق المطلبَين المذكورَين. لكن المقاومة لا تزال مصرّة على موقفها، مُهدّدة بأن الوقت بدأ ينفد، وأن الضغط الكبير يقترب. وفي هذا الإطار، تُواصل الفصائل رفع درجة الاستعداد لديها لإمكانية تفجّر مواجهة جديدة وقريبة مع العدو، علماً بأنها اتّفقت في ما بينها على منح عدّة أيام إضافية لـ"الوسطاء" الذين كثّفوا اتصالاتهم بالمقاومة خلال اليومين الماضيين.
طلبت القاهرة إمهالها بعض الوقت لإتمام تسهيلات جديدة لمصلحة قطاع غزة


وأجرى جهاز المخابرات العامة المصري اتصالات مع حركة "حماس" خلال الأيام الماضية، بهدف إعطاء فرصة للهدوء وعدم السماح بتفجّر الأوضاع، على أمل انتزاع موقف جديد من حكومة الاحتلال، فيما أبلغت الحركة المصريين أن الفصائل قرّرت العودة إلى الضغط على طول الحدود كخطوة أولى، وهي ستردّ بقوة على أيّ محاولة إسرائيلية لكسر قواعد الاشتباك. وعلى الأثر، طلبت القاهرة إمهالها بعض الوقت لإتمام تسهيلات جديدة لمصلحة قطاع غزة، بما في ذلك المنحة القطرية وبدء عملية الإعمار. وفي هذا الإطار، تتحدث المصادر عن أن إشارات إيجابية نقلتها دولة الاحتلال إلى المصريين مفادها أنها ستعيد خلال أيام النظر في خطواتها تجاه القطاع، في حال استمرار الهدوء.
في خضمّ ذلك، رأى قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، أليعازر توليدانو، أن الفصائل الفلسطينية تحاول إرهاب دولة الاحتلال بالبالونات الحارقة والإرباك الليلي والتظاهرات، محاولاً التقليل من أهمية هذه الأدوات بالقول إنه "لا طائل منها، وإن الفلسطينيين لم يستوعبوا المرّة تلو المرّة أن الجيش سيواصل التصدّي لهم بجزم وصرامة". في المقابل، شدّد الناطق باسم حركة "حماس"، عبد اللطيف القانوع، على أن "ملفّ الإعمار لا يقابله إلا إعمار ما دمّره الاحتلال، وما لدى المقاومة من أسرى صهاينة لا يقابله إلا الإفراج عن الأسرى، والفصائل أكدت في اجتماعها أمس (أول من أمس) أنها لن تسمح بالابتزاز أو ربط الملفّات بعضها ببعض).
على خطّ موازٍ، وبعد أشهر من عرقلة رئيس السلطة، محمود عباس، إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وفي ظلّ استمرار حالة الانقسام الداخلي، عيّنت حركة "حماس" لجنة جديدة لإدارة الشأن الحكومي في قطاع غزة، الذي لا تعترف حكومة رام الله بالجسم الحكومي العامل فيه. وصادق المجلس التشريعي في غزة، أمس، على تشكيلة وبرنامج "لجنة متابعة العمل الحكومي" في القطاع، برئاسة عصام الدعاليس عضو المكتب السياسي لـ"حماس"، وذلك بعد عرضها برنامجها للنصف الثاني من العام الحالي.