غزة | لم يمضِ وقت طويل على انتهاء معركة «سيف القدس» التي ارتكب فيها العدو الإسرائيلي جرائم بحق المدنيين الفلسطينيين، حتى صوّت «مجلس حقوق الإنسان»، مساء أمس، على «تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلّة بشأن العدوان وضمان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية وداخل أراضي الـ48». واعتُمد القرار في المجلس بعد عرض مشروعه من قِبَل باكستان، لتصوّت له 24 دولة وتمتنع 14 وتعارض 9 هي الأوروغواي وبريطانيا والنمسا وألمانيا وجزر مارشال ومالاوي وبلغاريا والكاميرون والتشيك. في المقابل، ردّت الخارجية الإسرائيلية بأن «القرار تجاهل إطلاق 4300 صاروخ من غزة»، مشيرةً إلى أنها قاطعت سلفاً بعثة الأمم المتحدة لتقصّي الحقائق عام 2009. أمّا رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، فوصف القرار بـ«المخزي»، وأنه «مثال آخر على الهوس الصارخ المناهض لإسرائيل».
ووفق مراقبين، المهمّ في هذا القرار أنه للمرّة الأولى تُشكَّل «لجنة تحقيق دائمة وليست مؤقّتة لسنة»، وبهذا المستوى الدولي، للبحث في الانتهاكات الإسرائيلية ضدّ الفلسطينيين في أراضي الـ48، والممارسات الإسرائيلية فيها. وهو مهمّ أيضاً لأنه يمثّل المرة الأولى التي يعالِج فيها «مجلس حقوق الإنسان» الأسباب الجذرية للتمييز العنصري الإسرائيلي المنهجي ضدّ الشعب الفلسطيني في الداخل والأراضي المحتلة عام 1967. وعلمت «الأخبار»، من مصادر حقوقية، أن عدداً من مؤسّسات حقوق الإنسان الفلسطينية تستعدّ خلال الأسابيع المقبلة لتقديم طلبات لتحقيق دولي في جرائم حرب وانتهاك قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني على يد جيش الاحتلال خلال المعركة الأخيرة، إضافة إلى طلبات ستُوجَّه إلى دول أوروبية بمحاكمة مسؤولين في جيش الاحتلال لمسؤوليتهم عن قتل المدنيين.
لكن، وبينما عبّرت الولايات المتحدة عن «الأسف الشديد»، ورأت أنه «يهدّد بعرقلة التقدّم الحالي في المنطقة»، انتقد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ربط الاحتلال إدخال المساعدات إلى قطاع غزة بحلّ قضية الجنود الأسرى، محذراً أيضاً من أن «إخلاء العائلات الفلسطينية من الشيخ جراح والتوتر في المسجد الأقصى سيدفعان الموقف نحو اشتعال جديد وتدحرج نحو الحرب». وتزامناً مع حديث القناة 12 العبرية، صباح أمس، عن «تعثّر في الاتصالات حول اتفاق التهدئة مع غزة، وتزايد فرص تدهور الأوضاع إلى جولة جديدة، ورفع الجيش أهبته لهذا الخيار»، قال بلينكن في مقابلة أجراها معه موقع «والا» العبري، في ختام زيارته فلسطين المحتلة أمس، إن بلاده «تتفهّم الحاجة إلى استعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، لكن ترى ضرورة عدم ربط التقدم في هذا الملف بإدخال المساعدات، لأن هناك احتياجات عاجلة في القطاع ويجب إعطاء أمل للسكان، فهذه الطريقة الوحيدة لمنع حرب جديدة».
كشفت «القسام» أسراراً جديدة حول صواريخها ولا سيما رؤوسها


في غضون ذلك، كشف المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، يانيف كوفوفيتس، أن الجيش الإسرائيلي «غير قادر إلى الآن على تحديد درجة ارتداع حماس بعد 12 يوماً من الحرب». وبخلاف تقديرات المستوى السياسي عن ارتداع الحركة، يرى مسؤولون كبار في الجيش، خلال نقاشات داخلية، أنه في هذه المرحلة «لا يمكن التحديد إلى أيّ درجة رُدعت حماس، وكيف سيؤثّر الضرر في غزة في قرارها بدء حرب أخرى قريباً». لكن القيادي في «الجهاد الإسلامي»، خالد البطش، ردّ بأن التزام فصائل المقاومة بوقف النار هو بمقدار التزام الاحتلال، مشدداً على أن «الشيخ جراح والقدس والاعتداءات على الأقصى واغتيال قادة المقاومة خطّ أحمر».
في سياق ذي صلة، كشف الجناح العسكري لـ«حماس»، كتائب القسام، عن السرّ في «قوة صواريخ سجيل التي استُخدمت في معركة سيف القدس وأحدثت دماراً كبيراً وواسعاً في عسقلان المحتلة»، مشيرة إلى أن «عائلة سجيل تتميز بقدرة تدميرية عالية لأن رؤوسها من القذائف البريطانية التي عُثر عليها قبالة شواطئ غزة وجرت إعادة تدويرها، وقد دكت بها المقاومة عسقلان خلال معركة حد السيف عام 2018 لأول مرة». وأضافت الكتائب، التي نظّمت عرضاً عسكرياً في شوارع القطاع أمس، أن «ثلاثة أنواع من الصواريخ تمّ استخدامها للمرّة الأولى خلال سيف القدس هي عياش 250، وA120، وSH85 الذي يحمل رأساً متفجّراً ذا قدرة تدميرية هائلة، ويصل مداه إلى 85 كلم، فيما لحقه صاروخ M75 وR160 وJ80 الذي بات يمتلك قوة هائلة في تضليل القبة الحديدية». ويضاف إلى ما سبق «Q12-Q20» الذي يُعدّ امتداداً لأجيال الصواريخ الأولى، ويصل مداه إلى 20 كلم، لكن استخدم بكثافة وأحدث دماراً وخسائر لدى الاحتلال في عسقلان.
إلى ذلك، قرر وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، تمديد ولاية رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، عاماً إضافياً، مبرّراً التمديد بأنه «جاء في الوقت الذي نشهد فيه تغييرات إقليمية وتحديات على مختلف الجبهات، وهو أمر بالغ الأهمية لأمن إسرائيل».