غزة | على عجل، أرسلت القاهرة، أمس، وفدها الأمني إلى غزة وتل أبيب، ليُجري لقاءات مكّوكية تستهدف تثبيت التهدئة بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال، وتلافي كسر حالة الهدوء الهشّ، في وقت تواصلت فيه الاحتفالات في مختلف المناطق الفلسطينية، تزامناً مع ارتفاع وتيرة الاتهامات البينية والاعتراف بالفشل على ضفّة الاحتلال. وبحسب مصدر في حركة «حماس»، تحدّث إلى «الأخبار»، فقد وصل الوفد الأمني المصري إلى مدينة غزة، والتقى قيادة الحركة، وتباحث معها في تنفيذ وقف إطلاق النار بشكل كامل، بالإضافة إلى الملفّات التي ترى المقاومة الفلسطينية أنها ستعيد تفجير الأوضاع، وستدفعها للعودة إلى المواجهة، وخاصة في ما يتعلّق بمدينة القدس وحيّ الشيخ جراح. وضمّ الوفد المصري، لأوّل مرّة، مسؤولاً من رئاسة الجمهورية، بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى جانب أحمد عبد الخالق، مسؤول ملفّ فلسطين في جهاز المخابرات العامّة، وهو ما ترى فيه الفصائل إشارة إلى جدّية كبيرة من قِبَل المصريين، بالإضافة إلى الموقف الإيجابي الذي تبدي فيه القاهرة دعمها لشروط المقاومة المتعلّقة بإيجاد ضمانات حول مدينة القدس وعدم تغيير الواقع فيها.وحسبما نقل المصريون إلى الفصائل الفلسطينية، فإن القاهرة معنيّة، وبشكل سريع، بالتوصّل إلى تفاهمات بخصوص استمرار التهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار، وذلك بعد حصولها على تفويض وطلب أميركيَّين بهذا الخصوص. كما أَبلغ المصريون، الفلسطينيين أن عملية إعادة إعمار قطاع غزة لن تتخلّلها مماطلة وستكون سريعة، إذ سيتمّ تسهيل إدخال المواد اللازمة عبر شركات مصرية، من خلال معبر رفح البرّي. ومساء أمس، أرسلت الفصائل الفلسطينية رسالة احتجاج إلى الوفد المصري لوقف الاستفزازات التي تقوم بها شرطة الاحتلال في الحرم القدسي واقتحامه والاعتداء على المصلّين فيه، مُحذّرة من أن مِثل هذه الأفعال كفيلة بتفجير الأوضاع مرّة أخرى. وبالتزامن مع وصول الوفد المصري إلى غزة، وصلت، أمس، 80 شاحنة مساعدات مصرية إلى القطاع عبر معبر رفح، مُقدَّمة من أحزاب سياسية مصرية، يرافقها أعضاء أحزاب من تلك الأحزاب على متن 75 حافلة.
أَبلغ المصريون الفلسطينيين أن عملية إعادة إعمار قطاع غزة لن تتخلّلها مماطلة


من ناحية أخرى، عمّت الاحتفالات قطاع غزة والأراضي الفلسطينية بعد التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع دولة الاحتلال، في صورة نصر واضحة على أقوى «دولة» في المنطقة، مع استمرار إشادة الفلسطينيين بهذا الإنجاز. وبالتوازي مع ذلك، عادت الحياة إلى شوارع المدينة، إذ رجع النازحون إلى منازلهم قرب الحدود، فيما بدا لافتاً تجديد الفلسطينيين طقوس عيد الفطر بلبس الثياب الجديدة وزيارة الأهل وتفقّد أهالي الشهداء. أيضاً، واصلت طواقم وزارة الأشغال والبلديات والدفاع المدني جهودها في رفع جزء من ركام القصف، بينما أُعلن عن انتشال جثامين 9 شهداء من المقاومة استشهدوا في أول أيّام الحرب داخل أحد الأنفاق، ليُشيِّع جثامينهم آلاف الفلسطينيين.
في غضون ذلك، أكدت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية، في مؤتمر صحافي، أنها فرضت معادلات جديدة على الاحتلال سيكون لها ما بعدها، جازمة أنها لن تقبل بعد اليوم التغوّل على أبناء الشعب الفلسطيني والمقدّسات، من دون ردّ. ووجّه الناطق باسم الغرفة المشتركة، «أبو أحمد»، رسالة إلى الاحتلال مفادها: «نقول لك بكلّ وضوح، إن عُدتم عُدنا، أيادينا على الزناد ولمعركتنا فصول لم تُكتب بعد، وإن منطق العربدة والعنجهية لن يواجَه إلّا بالصمود والردّ والتحدّي بعون الله، وإن المقاومة بخير، ولم تتمكّن آلة الدمار من الوصول إلى مقدّراتها وتدمير إمكاناتها كما روّج العدو لتبرير عدوانه والتغطية على فشله».
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أنه سيصل إلى الشرق الأوسط في الأيام المقبلة، وسيزور «إسرائيل» وأراضي السلطة الفلسطينية، ومصر، والأردن، في جولة هي الأولى له في المنطقة منذ تولّيه منصبه. وسيلتقي بلينكن، في زيارته، رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير خارجيته غابي أشكنازي، ووزير أمنه بيني غانتس، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فيما من المتوقّع أن تُركّز زيارته على تثبيت وقف إطلاق النار، وبحْث آلية تقديم المساعدة الإنسانية لسكّان غزة، وإعادة إعمار القطاع.