القاهرة | في أكبر حكم من نوعه بالإعدام في تاريخ القضاء المصري، يتوقع أن تصدق اليوم محكمة جنايات المنيا على إعدام 528 شخصاً متهمين باقتحام قسم شرطة مطاري وقتل المأمور ونائبه في أعقاب فض قوات الشرطة لاعتصامات أنصار جماعة الإخوان المسلمين في شهر آب الماضي.
وينتظر أيضاً أن تعقد المحكمة جلسة للنطق بالحكم على 683 من عناصر وقيادات جماعة الإخوان بعد حجزها للحكم اليوم، من بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان، محمد بديع، وذلك في الاتهامات الموجهة إليهم بقتل شرطي عمداً، والتجمهر وتكدير السلم العام، والاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة ورجال الشرطة، في مركز العدوة في 14 آب الماضي.
ووفقاً لتقرير عقوبة الإعدام الصادر عن منظمة العفو الدولية مطلع العام الجاري، فإن 778 شخصاً حول العالم نفذت فيهم عقوبة الإعدام على مدار العام الماضي، ما يعني أن المحكوم عليهم من قبل المحكمة يصل عددهم إلى أكثر من 75% ممن طبقت عليهم العقوبة الأقصى حول العالم، وذلك في قضية واحدة فقط.
المستشار رفعت السيد رئيس محكمة الجنايات السابق، أوضح في حديث لـ«الأخبار» أن المحكمة يمكنها أن تتراجع عن تطبيق عقوبة الإعدام على المتهمين قبل النطق بالحكم في جلسة اليوم، مشيراً إلى أن «رئيس المحكمة يمكن أن يصدر حكماً بالبراءة على المتهمين إذا رأى أنهم أبرياء بالفعل، لأن قرار الإحالة إلى المفتي لا يعني بالضرورة صدور حكم وفقاً لأحكام القانون، لكن جرت العادة أن ما يلي قرار الإحالة للمفتي هو تطبيق عقوبة الإعدام».
1201 متهم
ينتظرون اليوم أحكاما تصل للاعدام
وأضاف السيد أن المحكمة «من حقها حال عدم يقين أحد أعضائها بأن بعض المتهمين لا يستحقون عقوبة الإعدام، فإن على رئيس الدائرة أن يخفض عقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد، نظراً إلى أن القانون يلزمه بموافقة أعضاء الدائرة الثلاثة على حكم الإعدام بحيث يكون بالإجماع». أهالي المتهمين 1201، المحبوسين على ذمة القضيتين يعيشون حالة من القلق والتوتر، بعد الأخبار التي سربت بشأن موافقة مفتي الجمهورية شوقي علام على إعدام بعضهم، في ظل غياب عدد وأسماء من أقر المفتي بإعدامهم، ويعتزمون التوجه اليوم لمقر المحكمة للسماع للحكم.
الانتظار يحكم مدينتي «مطاي، وسمالوط» في شمال محافظة المنيا، لمعرفة مصير أبنائهم. وقبل ساعات من صدور الحكم، لاحظت «الأخبار» أثناء تجوالها في مدينة مطاي، اختفاء التأمين الشرطي أو العسكري، للمنشآت الحيوية في المدينة مثل مركز الشرطة أو ما يحيطه من مدارس، أو المستشفى العام. وبالحديث مع سكان مطاي، يتأكد لأي متابع أن هدوء المدينة هو الهدوء الذي يسبق عاصفة اليوم، بعد صدور الحكم وإعلان أسماء وعدد المحكوم عليهم بالإعدام. الأهالي يبدون تخوفهم من اشتعال الغضب مجدداً يصل لحد الصدام مع شرطة المدينة أو محاصرة المحكمة التي يعتزم أهالي المسجونين التواجد أمامها منذ الصباح الباكر.
هيا محمد تنتمي إلى عائلة متوسطة الحال من مدينة مطاي، قبض على 5 من اقاربها، لا ينتمون بالأساس إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة وجميعهم طاولهم حكم القاضي بتحويل أوراقهم للمفتي الذي أفاد بدوره بوجب تنفيذ الإعدام في بعضهم. تروي هيا لـ«الأخبار» قصة القبض على أقاربها، وتقول: «هم 5 رجال، منهم شابان قبض عليهم أثناء وجودهما أمام مركز شرطة مطاي أثناء أحداث الشغب، يوم 14 آب الماضي، ولكنهما لم يفعلا شيئاً، فهما بالأساس لم ينتميا إلى جماعة الإخوان أو أي فصيل سياسي».
أما الرجال الثلاثة الأخرون من عائلة هيا، فقبض عليهم بواسطة «المواطنين الشرفاء» من جيرانهم، الذين خاطبتهم وسائل الإعلام المصرية وجهاز الشرطة الحكومي، بالإبلاغ عن أي إرهابي لم يصلوا إلى مقره. وألقت الشرطة القبض عليهم دون التحقق جيداً من انتمائهم، مسرعة باتهامهم بالانتماء إلى جماعة إرهابية تارة، وبالشغب تارة أخرى.
بدموع منهمرة استقبلت هيا وأسرتها الأنباء التي ترددت عن حالات الإعدام. حالة هيا وأمها تتشابه مع امهات وعائلات المتهمين، بكاء نحيب، والوقت يمر عليهم دهراًَ، منتظرين صبيحة اليوم ليعرفوا أين درج أسماء أبنائهم.
وتتساءل هيا: «كيف سيقابل هذا القاضي ربه بعد الحكم؟ فما من عقل يصدق أن أكثر من 500 شخص يعدموا لقتل شخص واحد»، مشيرةً إلى أن العداء بين أهل المدينة ممن بين أقاربهم رجال شرطة، ومن لديهم سجين في انتظار حكم الإعدام، ازدادت سوءاً.
أما عائلة محمد عنتر، أحد المتهمين الذي حصل على إخلاء سبيل من السجن على ذمة القضية، وهو ما يعني أن ملفه لا يزال ضمن أوراق القضية، وأنه لم يحصل على البراءة النهائية بعد، فلم يجد في تسليم نفسه حلاً، خوفاً من «أحكام القضاء الصادمة، والذي يصدر أحكامه في القضايا السياسية، تبعاً لسياسة الدولة، لا كما تقول أوراق القضية»، وهرب خارج المحافظة ولم يعد، كما تروي زوجته زينب لـ«الأخبار».
الزوجة العشرينية تنهال بالبكاء وهي تضيف: «زوجي قبض عليه ظلماً عقب فض اعتصام رابعة وأثناء أحداث العنف التي وقعت حول مركز شرطة مدينة مطاي، وهرب خارج المحافظة بأكملها لأنه كان يتخوف من أن يصدر حكم قاسٍ كهذا الذي خالف حتى توقعاتنا جميعاً».