هو: «أنا يا سمراء مُثقلٌ بخيبتي، أكاد ألتقط أنفاسي كلما تودّدتِ لي، وشعرت بأني أكاد أختنق كلما سحبتِ ظلالك من بين يديّ. ألا يكفيني ما تحمله أكتافي من هموم شعبي؟ وما بيني وبينك من حدود وحواجز ومسافات؟ أيا سمراء، أطلّي بما استطعتِ عليّ... من خلف الشاشة، بكلمة وابتسامة، واطفئي ما في قلبي من حرقة ولوعة. حبيبتي... أطلّي عليّ».
هي: «بتعرف؟ نفسي بس أعرف شو ريحتك! أكاد أشم رائحتك داخل كل رسالة واردة. غريبة هي الرائحة التي لا توصف. يُخيّل إليّ وكأنني أشم شيئاً شبيهاً برائحة الزعتر! وأعرف أنني أتوهم دفئاً لا يمكنني أن أشعر به، ولكنه استطاع أن يغمر كل تفصيلٍ من جسدي. سأحاول أن أستعيد الحاسوب اليوم، وسنتكلم الليلة. بحبك».
هو: «الآن تستطيعين أن تخبئي وجهكِ بشالٍ كنتُ أهديتك إياه! ألا زلت تشمين رائحة الزعتر هناك؟ أن أكون فلسطينياً فهذا لا يعني أنني أتعرق زعتراً، ودمعي يا حلوة ليس زيتاً من الزيتون. المهم، وصلتكِ الأغراض بالسلامة؟ شو بعتيلي إنتِ؟ هياني بستنّى رسالتك. بحبك أكتر».
هي: «صديقك أخبرني قصصاً عنك، يا لطيف! كم أحببت حياتك، وكم اشتهيت أن أكون جزءاً منها، وكم أتمنى لو أستطيع على الأقل أن أكبر معك. تباً للاحتلال! لو كنت في رام الله كصديقك، لكانت حياتنا أسهل! المناسبة، لماذا كلما ذهب فلسطيني إلى بلدٍ ما حمل معه أكياساً من الزعتر والمريمية! تفضّل، رائحة الزعتر علقت على الشال! أصبحت أنت بشكل رسمي صاحب هذه الرائحة في مخيّلتي، إلى أجلٍ غير مُسمّى، إلى يومٍ نلتقي فيه، فتغمرني برائحتك الحقيقية. كن بخير إلى حينها».
هو: «سأحاول جاهداً الوصول إلى عمّان في موعدنا المُحدد. بعدك جاية صح؟ لا تخذليني، انتظرتك بما يكفي لنصبح سوياً ولو لمرة واحدة. ألمسك، تلمسيني، لا تخافي مني، سأطبع قبلة صغيرة على جبينك، فقط».
هي: «لا أستطيع الذهاب إلى عمّان. سأرسل لك كل القبلات مع السماء، كي تمطر عليك حباً، واعلم أنني أفعل هذا من أجلك. بحبك... عن جد. بس مش قادرة، بيكفيني وجع قلبي، سامحني».
هو فلسطينيٌ من حيفا، هي لبنانية من بيروت. هو وهي كانا سوياً، أحبّ أحدهما الآخر بصدق، واستمرا لسنتين من خلف الشاشة! هو وهي، لم يلتقيا أبداً، ولكن كانت الرسائل والصور والمحادثات الشفوية تروي قصتهما. هما افترقا بسبب جنسيته الإسرائيلية المفروضة عليه، وإن كان من أكثر الفلسطينيين وطنية، فالاحتلال لا يسرق أرضاً ويشرد شعباً فقط، بل أيضاً يفرّق أحبة، وجنسيتها اللبنانية.
اليوم، ومنذ أربع سنوات لم يتحادثا، لكنه لا يزال يحبها، وهي لن تنسى الفلسطيني الذي دخل قلبها...
ملاحظة: هذه القصة حقيقية.