بعد مناقشات حول تفاصيل الصياغة وطريقة اعتماد الآلية الدولية للاعتراف بالسلطة الجديدة في ليبيا، وبصياغة بريطانية جمعت بين الفرقاء، وافق مجلس الأمن، بالإجماع، وعبر تصويت استغرق 24 ساعة، على تبنّي قرار بدعم المخرجات السياسية الأخيرة الخاصة بهذا البلد، مع إرسال مراقبين يصل عددهم إلى 60 من أجل متابعة الإجراءات الخاصة بوقف إطلاق النار هناك. ويأتي القرار الأخير ليُعزّز شرعية النظام الجديد الذي يَنتظر وصول طليعة المراقبين إلى العاصمة طرابلس، مع نشر المراقبين في سرت خلال الأسابيع المقبلة، من أجل تثبيت وقف النار حتى تسلُّم السلطة الجديدة بعد إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.أمّا البعثة الأممية، فستُجري مناقشة للتفاصيل مع الحكومة الليبية بما يضمن مرونة الحركة للمراقبين، علماً بأن أعضاءها سيكونون مدنيين وعسكريين سابقين ينتمون إلى هيئات إقليمية عدّة، بينها الجامعة العربية والاتحادان الأفريقي والأوروبي. وسيكون المراقبون مسؤولين عن رصد أيّ انتهاكات، ولا سيما مع صعوبة توحيد المؤسسة العسكرية حتى الآن، وعدم إبداء الأطراف المحلية تصوّرات منطقية عن توحيد الجيش تحت قيادة السلطة الانتقالية التي تعمل على التأقلم مع الوضع القائم، الذي يعتمد على التنسيق مع قوات الأمر الواقع، سواء في طرابلس أو في بنغازي.
يبدو أنّ دمج المؤسّسة العسكريّة بات وراء ظهر الأطراف كافّة


أيضاً، لا يزال اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، رافضاً مناقشة أيّ تصورات عن توحيد الجيش وإخضاع سلاحه لسلطة الحكومة المؤقتة، مشدّداً على أن السلاح تحت يده «للدفاع عن ليبيا في وجه المرتزقة الذين أتوا من تركيا وسوريا» خلال السنوات الماضية، وأن هذا السلاح لن يتمّ تسليمه إلا «بعد خروج آخر مرتزق من البلاد»، وهو أمر قد لا يتحقّق حتى مع إجراء الانتخابات. وبينما طالبت الولايات المتحدة ودول أوروبية بسرعة إخراج المرتزقة، فإن الاجتماعات العسكرية بين العسكريين في طرابلس وبنغازي المعروفة باسم «5+5» لم تصل إلى حلّ جوهري في هذا الملف. لكن يشار إلى سحب عشرات المرتزقة بالفعل خلال الأسابيع الماضية بمعدّلات أقلّ من المتوقع، فضلاً عن توقّفها في آخر أسبوعين على نحو شبه كامل.
كذلك، أثارت زيارة رئيس الوزراء، عبد الحميد الدبيبة، لتركيا خلافاً متجدّداً بينه وبين حفتر الذي امتعض ليس من الزيارة فقط، بل من توقيع اتفاقات تعاون مع أنقرة، على رغم أن الأخيرة لم تسحب مقاتليها بعد. وكان حفتر قد جدّد، عبر مساعديه، استبعاد توحيد المؤسسة العسكرية، لتكون الأخيرة الجهة الوحيدة العصيّة على التوحيد بعد دمج جميع المؤسّسات المنقسمة في السنوات الماضية بين الشرق والغرب، علماً بأن مسألة الرواتب يجري الترتيب بشأنها لضمان ألّا تتأثّر بأوضاع الحكومة في طرابلس. حتى البعثة الأممية أخرجت مسألة توحيد المؤسسة العسكرية من جدول أولوياتها، في انتظار ما ستسفر عنه اجتماعات المسار العسكري التي يرى حفتر أنها الضامن الوحيد لاستمرار الدعم المالي والعسكري لقواته.
أمّا على صعيد التحضير للاستحقاقات الانتخابية التي قد يسبقها استفتاء على الدستور، فقد تعهّدت فرنسا بتقديم مليون يورو للمساعدة في الدعم اللوجستي لـ«المفوضية العليا للانتخابات» بموجب اتفاق تعاون عبر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وهو ما أثار حفيظة الدبيبة الذي تعّهد بأن تُوفّر حكومته الإمكانات اللازمة للمفوضية، فيما طالب رئيسها، عماد السايح، بضرورة أن يكون أيّ تعامل مع الجهات الدولية عبر الحكومة، وذلك في مخاطبة رسمية عكست بوضوح سعي الدبيبة إلى السيطرة على قنوات التواصل للجهات المختلفة مع المسؤولين الأوروبيين خاصة والأجانب عامة بصفته رئيساً للوزراء.
داخلياً، بات واضحاً تزايد نبرة الغضب تجاه رئيس الوزراء، الذي يُتّهم بالسعي للحصول على الدعم الخارجي وإهمال القضايا والمشكلات الداخلية، ولا سيما مع تعدّد زياراته التي كان آخرها إلى روسيا على مدار يومين، بعد أيام قليلة من زيارة تركيا وجولة خليجية شملت الكويت والإمارات، فيما لا تزال الأزمات الداخلية، من الكهرباء والسلع وتأخّر خطّة التلقيح في مواجهة جائحة كورونا، تنتظر حلولاً.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا