حمص | خلال اعتصام طلابي في المدينة الجامعية في جامعة البعث، دخل شاب فارع القامة، يرتدي لباساً مموّهاً، وعلى ساعده شارة كُتب عليها: «كتائب البعث».بضع ثوان ويهمس أحد الطلاب لزميل بجانبه: «إنه الرفيق وسام عبد الله، قائد كتائب البعث في حمص».
يذكر خالد، الطالب في جامعة البعث، أن «الرفيق وسام» يتمتع بشعبية كبيرة، برغم الصرامة الغالبة على محيّاه، وبرغم ما تشيعه عنه وسائل الإعلام المعارضة. خالد الذي أتى من مدينة الرستن الخارجة عن سيطرة الدولة لمتابعة تحصيله العلمي في حمص، يذكر أن «الكتائب» عملت على حفظ الأمن داخل الجامعة وخارجها. وعن اتهام معارضين فرع «اتحاد الطلبة» بقيادة عبد الله، بأنه «الفرع الأمني الخامس» داخل حمص، يجيب أنه لم يكن من الممكن تحييد الجامعة عن الأحداث الدامية التي شهدتها المدينة.

«الرفيق وسام»، بحسب خالد، يحمل إجازة جامعية في الهندسة المدنية، إضافة إلى إجازة في العلوم السياسية من بولونيا. وقد تعرّض عبد الله، بحسب طلّاب عديدين، لمحاولات اغتيال، أشهرها حصاره وعائلته في منزله في حي الوعر الحمصي، واستهداف المنزل بقذيفة هدمت جدرانه. لا مشكلة لدى عبد الله في التحدث، بصفته السابقة، كرئيس للاتحاد الوطني لطلبة سوريا ــــ فرع حمص، لكنه يتجنب الكلام إلى الصحافيين بصفته «القيادية»، إذ إنه اعتراف بتسليح كوادر حزب سياسي يفاخر «بقيادة الدولة والمجتمع»، فيما يشكّل كتائب مسلّحة من الطلاب الجامعيين.
الشارة المكتوبة على البزّة المموهة التي يرتديها قائد هذه الكتائب، هي نفسها على سواعد شبان آخرين عند مدخل الجامعة الرئيسي، أو بوابة المدينة الجامعية، ما يوحي بانخراط هذه الكتائب في حماية الجامعة على نحو رئيسي.
اليوم، كلّ شيء في حمص غير اعتيادي مقارنة بالمدن الأُخرى. الموت الذي خيّم على المدينة شهوراً طويلة، جعل لكلّ مواطن حكايته مع الحرب، التي يحب أن يرويها للغرباء. لجامعة البعث، أيضاً، حكايتها، هي بتنظيمها وازدحامها لا تترك أيّ انطباع لدى الداخل إليها بأنها عاشت أحداث عنف مريرة.
الوصول إلى المدينة الجامعية، يمرّ عبر حواجز تفتيش لـ«كتائب البعث» و«الاتحاد الوطني للطلبة»، ما جعلها «الحصن» الذي لا يمكن اختراقه منذ يوم «الثورة» الأول.
وبرغم تشكيل قوات «الدفاع الوطني» القادرة، رغم الجدل المحيط بها، على لمّ شمل كل الشباب القادرين على حمل السلاح من مختلف الأطياف والبيئات، بهدف الدفاع عن البلاد، غير أن قيادة «البعث» شاءت تشكيل «كتائب» تتبع لحزبها، في عملية «التفافية» على الدستور السوري، الذي لا يبرر وجود مثل هذه المجموعات. «الحجّة» لدى حزب البعث هي أنّ «الدفاع الوطني استطاع أن يجمع الناس من جميع الفئات، إلا أن كتائب البعث استطاعت أن تضم البعثيين فقط من الجامعيين، وهذا ما يميّزها عن الآخرين»، على ما يقول مصدر حزبي.
تحشد الكتائب في
حمص أكثر من 3500 طالب في الجامعة

إنه هاجس حزب البعث في محاولة منه لاستنهاض دماء شبابه مجدّداً، وحشدهم للدفاع عن البلاد التي يقودها. 90% من مقاتلي كتائب البعث جامعيون، وهم قادرون على التعامل مع الناس على نحو أخلاقي، يضيف المصدر.
تشكيل «كتائب البعث» لم يعد خافياً على أحد، بعدما قدمت 80 شهيداً في سوريا. تحشد هذه الكتائب في حمص أكثر من 3500 طالب في جامعة البعث، 200 منهم فقط حاصلون على تدريب نوعي، ولا يزال التدريب جارياً لتأهيل عناصر آخرين.
عدد المتدربين القليل يعود إلى تأخر القيادة بقرار تشكيل الكتائب في حمص، برغم مشاركة هؤلاء العناصر في القتال ضد مسلحي المعارضة في مناطق عدّة، أبرزها بابا عمرو وكفرعايا، تحت مسمّيات أُخرى في السابق، يشير مصدر متابع. بين المتطوعين فتيات أيضاً، يشتركن في الدعم اللوجستي، من تنظيم وطبابة وإسعاف، بعد خضوعهن لدورة تدريبية وحيدة.
قدمت «الكتائب» في أحياء حمص 8 شهداء خلال الأحداث الدامية، فيما مدة دوراتهم العسكرية لا تتجاوز 10 أيام. ولا يشترط في المنتسب أن يكون «عضواً عاملاً» في الحزب. وبحسب المصدر ذاته، فإن «الكتائب» ساهمت بالتعاون مع «الاتحاد الوطني للطلبة» في اعتقال خلية تابعة لـ«جبهة النصرة» العام الفائت، مؤلفة من 12 شخصاً، خططوا للقيام باغتيالات داخل المدينة.
«بعثية للأبد»
على الرغم من أن قائد «كتائب البعث» لم يتجاوز الـ35 عاماً، وبرغم اعتماده على عناصر وطلاب من فئة الشباب، إلا أن خطاب الحزب التقليدي لم يتغيّر كثيراً. يمكن ملاحظة ذلك خلال الاعتصامات والشعارات المرفوعة، وأبرزها: «بعثية للأبد لأجل عيونك يا أسد».
ومن خلال تغلغل الحزب وكتائبه واتحاد الطلبة بين الناس، فقياداتهم تتباهى بالقدرة على نقل نبض الشارع، مؤكدين ذلك من خلال قدرتهم على حشد الآلاف خلال ساعة واحدة.

يمكنكم متابعة مرح ماشي عبر تويتر | @marah_mashi