بعدما أوغل الإعلام الإسرائيلي في سيناريوات ما بعد فشل المفاوضات، من التوجه إلى الأمم المتحدة، وإلى حل السلطة، بادر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى طمأنة كل من يعنيه الأمر، إلى أنه في حال فشل محاولات الاتفاق على تمديد المفاوضات، حتى نهاية الشهر الجاري، الموعد المفترض لنهاية جولات التفاوض التي بدأت قبل تسعة أشهر، سيستمر في الحديث مع إسرائيل، دون أن تسمى مفاوضات! مؤكداً تأييده للمحادثات مع إسرائيل ومواصلة إجراء النقاشات معها.
وفي رسالة تصالحية، عبر أبو مازن، خلال حديث مع صحافيين إسرائيليين في رام الله، عن استعداده للقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو «في أي مكان وزمان»، وكتعبير عن تشدده في التمسك بالخيار «السلمي» في مقابل التصلب الإسرائيلي، أكد المحافظة على التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة في أي سيناريو محتمل، واصفاً ذلك بأنه «واجب، سواء نجحت المفاوضات أو فشلت، وسواء كان هناك محادثات بين الأطراف، أو لم يكن». وفي ما يتعلق بالمخاوف الإسرائيلية من توجه السلطة إلى المؤسسات الدولية، طمأن أبو مازن المسؤولين الإسرائيليين إلى أن السلطة ستقوم بذلك، لكن «ليس مع تلك التي عليها خلاف»، مشدداً على أن التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية، في لاهاي، ليس مطروحاً على جدول الأعمال.
من جهة ثانية، أكد أبو مازن «عدم رغبته في الحرب أو مواجهة عسكرية».
وأوضح أنه خلال المفاوضات طلبت السلطة من إسرائيل تجميد تام للبناء في المستوطنات لمدة ثلاثة أشهر، تُرسم خلالها حدود الدولتين، فلسطين وإسرائيل. وبعد ذلك، يمكن الاستمرار أيضاً في المفاوضات لمدة ستة اشهر، حيث تُبحَث القضايا الأخرى. ولفت أبو مازن إلى أن هذا هو الشرط الوحيد للسلطة من أجل استمرار المحادثات، ودعا إسرائيل إلى التزام الاتفاق الذي تحقق معها حول الأسرى وتحرير 30 فلسطينياً كان يفترض أن يحصل خلال الدفعة الرابعة.
وأضاف أن «استمرار إسرائيل في سياستها الحالية مسّ بوجود السلطة الفلسطينية، ولم تعد سلطة»، مشيراً إلى أن إسرائيل سحبت منها كل الامتيازات التي اتُّفق عليها في اتفاقية السلام. وأوضح أبو مازن أنه قال منذ ثلاث سنوات لرئيس الوزراء الإسرائيلي: «لا آسف على سلطة بهذه الحالة واستلموها بشكل سلمي». في المقابل، رأت مصادر سياسية إسرائيلية أن أقوال أبو مازن تدل على أنه معني بنسف المفاوضات وعدم إنجاحها، مشيرةً إلى أن تل أبيب لن تناقش في بداية العملية التفاوضية مسألة الحدود التي ستُرسَم في نهاية المطاف. وشددت المصادر نفسها على أن نتنياهو يرفض مطالب الفلسطينيين بتجميد البناء في محيط القدس. هذا وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد انشغلت بما قالت إنه تهديد للسلطة الفلسطينية بحل نفسها في حال فشل المفاوضات. وكرست أغلب الصحف الإسرائيلية الأساسية عناوينها الرئيسية للتحذير الأميركي من إبعاد تفكيك السلطة وتسليم المفاتيح لإسرائيل، إضافة إلى ردود القيادات الإسرائيلية المستهترة بهذا التهديد. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تطرقه إلى التهديد الفلسطيني، بالقول إن «الفلسطينيين تحدثوا عن تفكيك السلطة، واليوم يتحدثون عن التحالف مع حماس، فليقرروا ما إذا كانوا يريدون التفكيك أو الوحدة، وليبلغونا عندما يرغبون بالسلام». وفي السياق، أعلن وزير الخارجية افيغدور ليبرمان أن «بلاده مستعدة لـ «أي سيناريو» في حال حل السلطة الفلسطينية». وأوضح ليبرمان أن «إسرائيل جادة بالتفاوض مع الفلسطينيين في أي وقت وأي مكان إلا أنه لا يمكن للفريق الآخر أن يأتي كل يوم بتهديدات جديدة».