القاهرة | بدأت مصر والسودان تكثيف الاتصالات لتدويل أزمة «سدّ النهضة»، فيما ظهَر واضحاً أن التواصُل مع الولايات المتحدة يجري سودانياً أكثر منه مصرياً، وذلك بسبب التوتُّر الحاصل بين القاهرة وواشنطن على خلفية ملفّات مرتبطة بحقوق الإنسان. ولذا، ثمّة توجُّه مصري إلى فتح كوّة في الجدار بإصدار قائمة عفو عن مجموعة من السجناء، فضلاً عن توجيهات للقضاة بإخلاء سبيل بعض المعتقلين، سواء عبر النيابة أو القضاة أنفسهم.حتى الآن، يبدي الأميركيون، في الظاهر، حياداً في التعامُل مع أزمة "النهضة"، ممتنعين عن ممارسة أيّ ضغوط على إثيوبيا. بالتوازي، تزداد التحرُّكات السودانية في أفريقيا، فيما تتركّز الجهود المصرية على الدول الأوروبية، حيث صدرت توجيهات إلى السفارات المصرية في دول الاتحاد الأوروبي بالعمل على القضية. ولا تزال واشنطن تتمسّك بموافقة إثيوبيا على طلب تشكيل الرباعية الدولية للتوسُّط، كما أنها ترفض العودة إلى الاتفاق الذي تمّ في عهد دونالد ترامب ورفضت أديس أبابا التوقيع عليه، فيما تَحفّظت عليه الخرطوم آنذاك.
لا تزال واشنطن ترفض أن تضغط على أديس أبابا متجاهِلة الاتفاق المبرَم في عهد ترامب


وعلى رغم أن الولايات المتحدة ترفض اللجوء إلى الخيار العسكري لمعالجة الملفّ، إلّا أنها لم تُقدّم في الوقت نفسه أيّ مشاريع حلول يمكن التعويل عليها من قِبَل مصر والسودان، سوى الاكتفاء باستمرار الحوار. وفي المقابل، أبدت روسيا ترحيباً كبيراً بالتعاون مع الدول الثلاث، وذلك خلال زيارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى القاهرة أمس. وسبق أن عرَضت موسكو الدخول على خطّ الوساطة خلال قمّة روسية ــــ أفريقية قبل عامين، لكن البلدان الثلاثة فضّلت اللجوء إلى واشنطن. وتقول روسيا إن لديها قدرة على تقديم مساعدات فنّية وتقنية إلى البلدان المختلفة، لكنها لم تَقُم بأيّ جهود وساطة حتى الآن، كما أن اسمها غاب عن الأطراف الدولية المطروحة سودانياً في «الرباعية الدولية» التي تضمّ الولايات المتحدة والاتحادَين الأوروبي والأفريقي، إلى جانب الأمم المتحدة. مع هذا، ثمّة توجّه إلى تفعيل وساطة روسية خلال الأيّام المقبلة، الأمر الذي ترحّب به مصر والسودان.
في سياق متّصل، طلب مكتب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تقريراً دقيقاً عمّا اتُّخذ من إجراءات في الشهور الماضية في شأن ثلاثة ملفّات مرتبطة باستهلاك مياه النيل، أوّلها ما يتعلّق بكمّيات الأرزّ المزروعة سنوياً في البلاد، والإجراءات الصارمة حيال الفلاحين، إضافة إلى كمّيات قصب السكر، فضلاً عن الخطوات التي اتُّخذت لتغيير طريقة الريّ بما يُقلّل الكميات المهدورة، وهو المشروع الذي ينفّذه الجيش على طول آلاف الكيلومترات. وسيَعقد السيسي اجتماعات سرّية ومعلنة مع المسؤولين عن الملفّ، وخاصة وزيرَي الخارجية والريّ، إلى جانب مسؤولي المخابرات لاستعراض نتائج تقارير تمّ الانتهاء من معظمها بالفعل، ولا سيما في ما يخصّ التنسيق مع الجانب السوداني وما وصلت إليه الخطوات الأخيرة المشتركة.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا