دمشق | تعيش مستشفيات العاصمة السورية دمشق موجة ضغط غير مسبوقة هذه الأيام، بفعل ازدياد أعداد المصابين بفيروس «كورونا». وبحسب الطبيب طارق العبد، فإن «أسرّة العناية المشدّدة وأقسام العزل في تلك المستشفيات، وعددها نحو 127 سريراً مُوزَّعاً بين الحكومي والخاص، باتت مشغولة بنسبة 100%». ويضيف العبد، في حديث إلى «الأخبار»، أن «هنالك مستشفيات خاصّة فضّلت أن تحتفظ بجزء من أسرّتها لحالات خارج كوفيد - 19، لكنّها جهّزت طوابق ضمن أبنيتها لتستقبل المصابين». ويلفت الطبيب علي محمد، بدوره إلى أن «هنالك الكثير من الحالات التي نواجهها ولا نستطيع تأمين أجهزة تنفّس لها أو مكان في العناية المركّزة»، متابعاً في حديث إلى «الأخبار»، «(أننا) لا نستطيع فعل شيء، فالإمكانيات محدودة جداً، ورغم أننا نبذل أقصى ما باستطاعتنا، إلا أننا لا نستطيع استقبال كلّ الحالات، وهي كثيرة وتزداد بشكل يومي».وباتت بعض مستشفيات العاصمة تستقبل أحياناً نحو 30 حالة مثبتة يومياً، جميعها بحاجة إلى رعاية طبّية مستمرّة. ويعني هذا الرقم أن عدد الواصلين شهرياً إلى كلّ مستشفى يقارب الألف، وهو ما لا تستطيع المستشفيات استيعابه. وعلى رغم تأكيد الأطبّاء أن ثمّة إمكانية لإنجاد مصابٍ بعد وفاة شخص آخر شغل السرير قبله، إلا أن انقطاع الكهرباء أثّر سلباً على عملية تعبئة أسطوانات الأوكسجين، ما خلق بدوره ضغطاً إضافياً مضاعَفاً. وبحسب الدكتور أحمد عباس، المدير العام للهيئة العامة لمستشفى دمشق، فقد راجعهم في شهر آذار 729 مريضاً بشكاوى مشابهة لأعراض الإصابة بفيروس «كورونا»، بمعدّل وسطي يبلغ 27 إصابة يومية. ويشير عباس إلى أنه «تمّ قبول 147 إصابة في قسم العزل، ورُبعهم دخل العناية المشدّدة، علماً أن الطاقة الاستيعابية للمستشفى لقبول حالات كورونا هي 75 سريراً، 63 سريراً في أقسام العزل، و12 سريراً للعناية المشدّدة». مع ذلك، يؤكّد عباس جهوزية كوادره، البالغ عددهم نحو 2000 بين أطبّاء مختصّين ومقيمين وممرّضين وفنّيين، للتعامل مع هذه الحالات.
وهو ما يذهب إليه أيضاً الدكتور العبد بحديثه عن امتلاك الجسم الطبّي فائضاً من الكوادر، ويقول: «لدينا أحياناً أكثر من عشرة أطبّاء في كلّ قسم قادرين على استقبال الحالات، ولكن الأسرّة منذ ما قبل كورونا محدودة، وهنا جذر المشكلة». ودفع هذا الواقع الحكومة السورية إلى تخصيص مستشفيَين إضافيَين لمعالجة المصابين، وهما مستشفى جراحة القلب، ومستشفى الشرطة. وبحسب العبد، فإن مركز جراحة القلب كان مخصّصاً لأمراض القلب والجراحات فقط، و«لم يكن مجهّزاً، ولن يُغيّر كثيراً في المعادلة، بينما مستشفى الشرطة كبير ويستوعب حالات كثيرة، ومن الممكن أن يخفّف العبء عن بقية المستشفيات».
كذلك، أصدر مجلس الوزراء، أخيراً، بلاغاً يقتضي بتوقيف العمل، أو تخفيض نسبة دوام العاملين في الوزارات والجهات العامّة، والتي لا يؤثّر إيقاف العمل فيها على النشاط الاقتصادي والإنتاجي، بشكل مؤقّت، لغاية الخامس عشر من شهر نيسان الجاري. وسبق البلاغ المذكور بيوم إصدارُ وزير التربية قرارات متتالية تتعلّق بإنهاء العام الدراسي لدور الحضانة والصفوف الانتقالية الأولى، وتعليق الدوام لصفوف أخرى، مع المحافظة على مواعيد الامتحانات لشهادتَي الإعدادي والثانوي. وجاءت هذه القرارات على نحو مفاجئ، بُعيد تأكيدات رسمية متواصلة أنه لا نيّة لإيقاف الدوام المدرسي أو الوظيفي، ليَثبت مرّةً جديدة أنه لا رؤية واضحة للتعامُل مع الأزمة. وعلى رغم ارتفاع مطالبات بين وقت وآخر بحجْر صحّي تامّ كالذي عاشته دمشق قبل نحو عام، إلّا أن الواقع الاقتصادي المتدهور قد يحول دون تطبيق هذا النوع من الحجر، خاصة أن سوريا خبرت سابقاً مضارّه التي أنهكت الاقتصاد أكثر مما هو مُنهك، وألقت بثقلها على يوميات الفقراء والمياومين وذوي الدخل المحدود وشبه المعدوم.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا